السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991

السيد الرضوي الموسوي الروحاني للعلاج الروحاني العالم الروحاني للكشف الروحاني هاتف 07806835991
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السيد المقدس مرتضى الموسوي الروحاني المعالج الروحاني لجلب الحبيب من العراق الاتصال07806835991 ومن خارج العراق 009647806835991
السيدمرتضى الموسوي الروحاني المعالج بالقران وسنة رسوله الكريم العالم الروحاني الذي تميز عن غيره بالصدق والمنطق والعمل الصحيح المعالج الروحاني على مستوى العالم العربي والغربي العالم بالعلوم الفوق الطبيعه السيد الاجل الذي دل صدقه وكلامه على العالم بفضل الله ومنه ورحمته علينا وعليه المعالج الباب الاول لكل ما يطلب منه تجده بأذن الله ومشئيته سبحانه بين يديك ببركة الاولياء والانبياء واسرارهم
العالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي للكشف الروحاني عن كل ما يطلب منه بأذن الله ولعلاج الحالات المرضيه الروحيه والنفسيه وفك السحر وابطاله وفتح النصيب واعمال المحبة كله من كتاب الله الكريم واسراررب العالمين تجده في الموقع الرضوي العالم الروحاني للكشف وللعلاج ولاي مقصد اتصل على الرقم اذا كنت من خارج العراق009647806835991 أومن داخل العراق07806835991 او راسلنا على الاميل الالكتروني morthadh86@yahoo.com العالم الروحاني الذي شاع صيته في البلدان بصدقه ونورعمله وعلوا مرتبته العالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي العالم الروحاني المتواضع في العمل وتزكيته معكم الموقع الشخصي للعالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي والله يشهد انه لمن الصادقين https://morth.forumarabia.com

 

 الجزء الثاني وصايا عرفانيه رحمانيه وصاياه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الله السائر الى الله
المديرالعام للمنتدى



عدد المساهمات : 1869
تاريخ التسجيل : 25/02/2012

الجزء الثاني وصايا عرفانيه رحمانيه وصاياه  Empty
مُساهمةموضوع: الجزء الثاني وصايا عرفانيه رحمانيه وصاياه    الجزء الثاني وصايا عرفانيه رحمانيه وصاياه  Icon_minitimeالأربعاء يوليو 04, 2012 5:51 am

ني:
هناك أمر يثلج أفئدتنا نحن المتخلفين عن "قافلة الأبرار" وهو -في ما أرى- قد يكون دخيلاً في بناء من يكون بصدد بناء نفسه..
يجب أن ننتبه إلى أن منشأ فرحنا بالمدح والثناء واستيائنا من الإنتقادات والشائعات هو حب النفس الذي هو أخطر شراك إبليس اللعين..
نحن نميل أن يكون الآخرون مداحين لنا.. حتى ولو صوَّروا أفعالنا العادية، وحسناتنا المتخلية أكبر من حجمها بمئات المرات..
ونحب أن تكون أبواب انتقادنا -ولو بحق- موصدة أو يتحول انتقادنا إلى مديح.
ننزعج من الحديث عن معايبنا لا لأنها ليست حقا، ونفرح بالمدح والثناء لا لأنه حق بل لأنه "عيبي أنا" و"مدحي أنا".
إذا صدر منك أمر ما، وصدر عين ذلك الأمر أو أفضل منه وأسمى من شخص آخر، خصوصاً أولئك الذين هم زملاؤك، وانبري المداحون لمدحه سيكون ذلك مزعجا لك..
وأدهي من ذلك إذا حولوا عيوبه مدائح. في مثل هذه الصورة، تيقَّن أن يد الشيطان والنفس الأسوأ منه هي السبب.
[63]
بني:
ما أحسن أن تلقِّن نفسك وتقنعها حقيقة واحدة وهي أن مدح المداحين وإطراء المطرين غالباً ما يهلك الإنسان ويجعله بعيداً عن التهذيب وأشدَّ بعداً..
التأثير السييء للثناء الجميل في نفوسنا الملوثة أساس تعاساتنا والإلقاء بنا نحن ضعفاء النفوس بعيدا عن المحضر المقدس للحق جل وعلا..
ولعل الباحثين عن عيوبنا والمروجين للشائعات ضدنا مفيدون لعلاج معايبنا النفسـية -وهو كذلك- كالعملية الجراحية المؤلمة المفيدة للمريض..
أولئك الذين يبعدوننا بمدائحهم عن جوار الحق أصدقاء يعبّرون عن عداوتهم بصورة صداقة..
وأولئك الذين يظنون أنهم يعبّرون عن عداوتهم لنا بالذم والفحش واختلاق الإشاعات هم أعداء يصلحوننا -إذا كنا أهلاً لذلك- إنهم يعبّرون عن صداقتهم لنا بصورة عداوة..
أنا وأنت إذا اقتنعنا بهذه الحقيقة وتركنا الحيل الشيطانية والنفسية نرى الواقعيات كما هي.. عندها سنضطرب من مدح المداحين وثناء أهل الثناء كما نضطرب اليوم من ذم الأعداء وشائعات المغرضين..
وسنتفاعل مع الذم ونتلقاه كما نتفاعل اليوم مع المدائح والاطراءات ونتلقاها..
إذا وصل إلى قلبك مما ذكر، لن تتألم من
[64]
المنغصات واختلاق الأكاذيب وستحصل على اطمئنان القلب.. فإن أكثر المنغصات من الأنانية..
رحمنا لله جميعا بالنجاة منها..
3- الاحتمال الآخر أن الخطاب لأصحاب الإيمان من خواص أهل المعرفة والمولعين بمقام الربوبية عاشقي الجمال الجميل الذي يرون بعين القلب ومعرفة الباطن جميع الموجودات مظهر الحق، ويرون نور الله في جميع المرائي وأدركوا (الآية) الكريمة {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ..}(النور/35) بالمشاهدة المعنوية والسير القلبي.. رزقنا الله وإياكم..
بناء على هذا الإحتمال، فإن للأمر بالتقوى لهذه الطائفة من العشاق والخواص فروقاً عن الأمر بها للآخرين..
من الممكن أن تكون التقوى عن رؤية الكثرة وشهود المرائي والرائي، تقوى عن التوجه إلى الغير حتى إذا كان في صورة التوجه إلى الحق من الخلق، تقوى عن "ما رأيت شيئاً إلا رأيت الله قبله ومعه وبعده"(8- الرواية في علم اليقين ج1/149 باختلاف يسير.) الذي هو المقام العادي لخلص الأولياء فإن لـ"شيء" هنا دخلاً في الحديث..
تقوى عن مشاهدة {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ..}.
تقوى عن مشاهدة {هو معكم} و {وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}(الأنعام/79).
[65]
تقوى عن مظهر جمال الحق في الشجرة.
ومن هذا القبيل ما يرتبط برؤية الحق في الخلق..
وعلى هذا المنوال يكون المراد من الأمر بالنظر في ما قدمناه لغد تلك الحالات: مشاهدة الحق في الخلق والوحدة في الكثرة التي لها صورها المناسبة في العوالم الأخرى..
4- الاحتمال أن الخطاب لأولئك الخلَّص من الأولياء الذين تجاوزوا مرحلة رؤية الحق في الخلق وجمال حضرة الوحدة في الكثرة الفعلية ولا أثر لغبار الخلق في مرآة مشاهداتهم وتخلصوا من الشِّرك الخفي في هذه المرحلة. إلا أنهم أسلموا القلب لتجليات أسماء الحق وأصبحوا العشاق المتيمين لحضرة الأسماء، وتجلياهم الأسمائية فانية من الغير ولا يشاهدون شيئاً غير جلوات (مظاهر) الأسماء..
بناءً على هذا يكون الأمر بالتقوى تقوى عن رؤية الكثرات الأسمائية والجلوات الرحمانية والرحيمية وسائر أسماء الله..
كأن صوتاً يضج في مسامعهم أنه من الأزل إلى الأبد ليس هناك إلا جلوة واحدة..
وتفسِّر جميع الفقرات بما يناسب هذا.. وأنهم إذا تجاوزوا هذا فليس بعده شاهد ومشاهدة وشهود.. وليس إلاَّ الفناء في "هو المطلق" و"لا هو إلا هو"..
[66]
5- أشمل الإحتمالات أن كل لفظ مثل "آمنوا" و "اتقوا" و"انظروا" و"ما قدمت" وهكذا.. يحمل على معناه المطلق وكل مراتبه حقائق فإن الألفاظ موضوعة للمعاني بدون قيد ومطلقة من الحدود..
وإذا كان ثمة من احتمالات أخرى فهي تندرج في هذا الاحتمال ومن مراتبه..
بناء على هذا تشمل (الآية ) كل فئة وطائفة من المؤمنين بالمعنى الحقيقي وتكون (جميع الفئات والأقسام) مصاديق للعنوان المطلق.
وهذا المطلب يفتح طريق فهم كثير من الأخبار التي تطبق الآيات على فئة أو شخص فيتوهم الاختصاص وليس كذلك بل هو ذكر المصداق أو المصاديق..
وبهذا المنوال الذي ذكر من الاحتمالات يفتح الطريق -أيضاً- لفهم الآية المباركة {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}(الحشر/19) التي هي بعد الآية المتقدمة.
وحسب الإحتمالات المتقدمة، في هذه الآية الشريفة أيضا احتمالات متناسبة مع تلك الإحتمالات مختلفة المراتب ومتحدة الحقيقة.. لا مجال لتفصيلها.. وأكتفي فقط بذكر نكتة واحدة وهي أن نسيان الحق موجب لنسيان النفس سواء "النسيان" بمعنى عدم التذكر أو بمعنى الترك..
[67]
وفي كل من المعنيين إنذار عاصف..
إن لازم نسيان الحق تعالى أن ينسى الإنسان نفسه أو فقل يجره الحق تعالى إلى نسيان نفسه وهو أمر صادق في جميع المراحل السابقة.
في مرحلة العمل، فإن الذي ينسى الله وحضوره جل وعلا يبتلى بنسيان ذات نفسه أو يجر إلى ذلك.
ينسى عبوديته فيجر من مقام العبودية. ومن لا يعرف ما هو ومن هو وماهي وظيفته والعاقبة، يحل الشيطان فيه ويجلس بدلاً من ذاته، والشيطان عامل عصيان وطغيان..
وإذا لم يثب إلى رشده ويرجع إلى ذكر الحق وانتقل من هذا العالم على هذه الحال من الطغيان والعصيان فقد يظهر (في ذلك العالم) على شكل شيطان مطرود من الحق تعالى.
وبالمعنى الآخر الذي هو بمعنى الترك.. الأمر أشد إيلاماً لأنه إذا كان ترك إطاعة الحق وترك الحق موجبا أن يتركه الحق (9- *المراد والله العالم أن النسيان إذا كان بمعنى عدم التذكر فإن من ينسى الله ولا يتذكره ينسيه الله تعالى نفسه فلا يعود يتذكرها وهذا لا يدل على أن العنايات الإلهية تنقطع عنه حتماً.. فقد تشمله عنايةٌ ما رغم أن الله أنساه نفسه فهو سبحانه لم يتركه وإنما أنساه نفسه.. أما إذا اعتبرنا النسيان بمعنى الترك فإن الآية بمعنى قوله تعالى {..نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ..}(التوبة/67) أي تركوا الله فتركهم وترك الله تعالى للإنسان أشد من حمله له على نسيان نفسه.. إنه بمعنى الخذلان خذلانه وإيكاله إلى نفسه.. ومن هنا كان الأمر أشدّ إيلاماً.) ويكله إلى نفسه ويقطع عنه عناياته فلاشك في أنه ينتهي إلى خذلان الدنيا والآخرة (10- ورد في الأدعية المروية عن الموالي الكرام عليهم السلام "لا تكلنى إلى نفسي" و "ولا تكلنى إلى نفسي طرفة عين أبدا" أصول الكافي كتاب الدعاء -باب القول عند الإصباح والإمساء حديث10 وباب الدعاء للكرب والهم حديث20 وباب دعوات موجزات لجميع الحوائج حديث15.ويقول الإمام زين العابدين عليه السلام في أحد الأدعية: "وانظر في جميع أموري فإنك إن وكلتني إلى نفسي عجزت عنها ولم أقم ما فيه مصلحتها" الصحيفة السجادية الدعاء22. ويقول عليه السلام في دعاء آخر: ولا تكلني إلى حولي وقوتي الصحيفة -الدعاء47.).
في الأدعية الشريفة للمعصومين نجد أنه تم التأكيد على الدعاء كي لا يكلنا الله إلى نفوسنا، لأنهم عليهم السلام كانوا يعلمون نتائج هذه المصيبة ونحن غافلون عنها..
[68]
بني:
الذنوب.. حتى إذا كانت صغيرة بنظرك، لا تستخف بها "انظر إلى من عصيت" وبهذا المنظار كل الذنوب عظيمة وكبيرة.. لا تغتر بأي شيء، ولا تغتر بالله تبارك وتعالى الذي كل شيء منه وإذا انقطعت عنايته الرحمانية عن موجودات جميع أرجاء عالم الوجود لحظة لن يبقى أثر حتى من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين. لأن كل العالم مظهر رحمانيته جل وعلا..
ورحمته الرحمانية جل وعلا هي على نحو الإستمرار - مع قصور اللفظ والتعبير - مبقية لنظام الوجود و"لا تكرار في تجليه جل وعلا".
وأحياناً يعبر عنها ببسط الفيض وقبضه على سبيل الإستمرار..
على أي حال.. لا تنس حضوره ولا تغتر برحمته. كما يجب أن لا تيأس ولا تغتر بشفاعة الشافعين عليهم السلام -فإن لذلك كله موازين إلهية ونحن لا نعرفها (11- * أي أن الشفاعة حق ولكن ما الدليل لأحدنا على أن الموازين الإلهية التي تقوم الشفاعة وفقها تنطبق عليه حتما حتى يغتر بشفاعة الشافعين عليهم السلام.. وهذا يعنى أن يعيش أحدنا -في مسألة الشفاعة- بين الخوف والرجاء، الخوف من عدم انطباق موازينها الإلهية عليه والرجاء بشمول الشفاعة له وانطباق موازينها عليه.. وهذا غير الركون الحتمي إليها والاغترار بها..).
إجعل التأمل في أدعية المعصومين عليهم السلام وتحرُّقهم وتفَجُّعهم خوفاً من الحق والعذاب عنوان أفكارك وسلوكك.
الأهواء النفسانية، وشيطان النفس الأمّارة يدخلاننا في الغرور ويجراننا -من هذا الطريق- إلى الهلاك..
[69]
بني:
لا تسعَ أبداً أثر تحصيل الدنيا حتى الحلال منها. فإن حب الدنيا حتى حلالها رأس جميع الخطايا (12- مضمون رواية عن الإمام السجاد عليه السلام "حب الدنيا رأس كل خطيئة" ورواية عن الإمام الصادق عليه السلم: "رأس كل خطيئة حب الدنيا" أصول الكافي كتاب الإيمان والكفر باب ذم الدنيا والزهد فيها حديث 11 وباب حب الدنيا والحرص عليها حديث1.) لأنها حجاب كبير وتجر الإنسان مرغما إلى الدنيا الحرام.
أنت شاب وتستطيع بقوة الشباب التي أعطاك الحق أن تبتر أول خطوة انحراف ولا تدعها تنجر إلى خطوات أخرى.. لكل خطوة خطوة تتبعها، وكل ذنب -حتى إذا كان صغيرا- يجر الإنسان إلى ذنوب كبيرة وأكبر بحيث تصبح الذنوب الكبيرة في نظر الإنسان ليست شيئا يذكر..
بل أحياناً يفتخر الأشخاص على بعضهم بارتكاب بعض الكبائر وأحيانا -بواسطة شدة الظلمات والحجب الدنيوية- يصبح المنكر معروفا والمعروف منكراً..
أنا أسأل الله تعالى جل اسمه أن ينير عين قلبك بجماله الجميل ويرفع الحُجب من أمام عينيك وينجيك من القيود الشيطانية والإنسانية حتى لا تتأسف مثل أبيك -بعد تصرم أيام الشباب وحلول الكهولة- على ماضيك، وتربط قلبك بالحق حتى لا تستوحش من أي حادث وتحرر قلبك من الآخرين لتحرر نفسك من الشرك الخفي والأخفي..
بعد هذه الآيات إلى آخر السورة مسائل شيقة
[70]
جداً لا حال لي ولا مجال لأتحدث حولها..
اللهم اجعل أحمد عندك محموداً، وافطم فاطمة عن الذنوب واجعل حسن أحسن ويسِّر أمر ياسر وربِّ هذه العائلة المنتسبة إلى أهل بيت العصمة بعناياتك الخاصة واحفظها من شر شياطين الداخل والخارج ومُنَّ عليهم بسعادة الدارين.
وآخر وصيتي هي:
أبذل جهدك في خدمة الأرحام خصوصاً أم التي لها علينا حقوقاً واحصل على رضاهم.
والحمد الله أولاً وآخراً والصلاة على رسول الله وآله الأطهار واللعن على أعدائهم.
بتاريخ 17 شوال 1404 (هـ. ق)
روح الله الموسوي الخمينى
[75]
هــدية غيــبية
[77]
بسم الله الرحمن الرحيم
أهدى كتاب "آداب الصلاة" (1- هذا الكتاب ألفه الإمام الخميني (س) عام (1261هـ/1942م) بعد كتاب سر الصلاة، وهو شرح لآداب الصلاة واسرارها المعنوية، وهو غني بالفوائد الأخلاقية والعرفانية.) -الذي لم أجنِ منه سوى الأسف على القصور والتقصير في ما خلا من الأيام التي كنت قادراً فيها على بناء النفس، وسوى الحسرة والندامة في مرحلة الشيخوخة حيث يدي خالية وحملي ثقيل والسفر بعيد والبلاء شديد ونداء الرحيل يتردد في سمعي -إلى ولدي العزيز "أحمد" لعله، إن شاء الله ينتفع -وهو يتمتع بقوة الشباب- بمحتواه، جمعته من كتاب الله والسنّة المطهرة وما أُثر عن الأولياء العظام فيرقى -مستفيداً من إرشادات أهل المعرفة- المعراج الحقيقي، ويستنقذ قلبه من هذه الظلمة، ويوفق لبلوغ مقصد الإنسانية الأصلي الذي سلكه أنبياء الله العظام وأولياؤه الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، وأهل الله ودعوا الآخرين إليه.
بني:
اسع للعثور على نفسك المعجونة بفطرة الله، واستنقذها من مستنقع الضلالة وأمواج العجب
[78]
والأنانية، واركب "سفينة نوح" التي هي "ولاية الله" "فإن من ركبها نجا من وتخلف عنها هلك" (2- جزء من حديث شريف مروي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مستدرك الصحيحين ج2 ص 343.).
بني:
إجهد أن يكون سيرك في "الصراط المستقيم". صراط الله -وإن كان ذلك بخطى وئيدة بطيئة، واسعَ أن تكون حركات قلبك وسكناته وسائر جوارحك في إطار التسامي والارتباط بالله، واحرص على السعي في خدمة الخلق لأنهم خلق الله، فرغم أن أنبياء الله العظام والخواص من أوليائه تعالى كانوا يمارسون الأعمال كالآخرين، فإنهم لم يتعلقوا بالدنيا قط وذلك لأن شغلهم كان بالحق وللحق، إلا أنه رُوي عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "إنه ليغان على قلبي واني لأستغفر الله في كل يوم سبعين مرة" (2- رواية عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب مستدرك الوسائل، كتاب الصلاة، أبواب الذكر، الباب22 الحديث1.) ولعله كان يرى أن رؤية الحق في الكثرة كُدورة.
بني:
تهيأ بعدي لمواجهة مختلف مشاعر الجفاء والضغائن التي أكنّتها الصدور مني، فسوف تنعكس عليك، وإذا كان حسابك مع ربك سليما، وتحصّنت بذكر الله؛ فإنك لن تخشى الخلق. فأمر الخلق وحسابهم هينٌ سريع الانقضاء، والأزلي هو الحساب أمام الحق تعالى.
[79]
بني:
قد تُعرضُ عليك بعدي المناصب، فإن كانت نيتك خدمة الجمهورية الإسلامية والإسلام العزيز فلا ترفض، ولكن إذا كانت نيتك -لاقدر الله- إطاعة هوى النفس وإرضاء الشهوات، فاجتنب القبول إذا لا قيمة للمقامات والمناصب الدنيوية كي تضيع نفسك من أجلها.
اللهم مُنَّ على (أحمد) وذريته وأهل بيته -وهم عبادك ومن نسل رسولك الأكرم صلواتك عليه وعلى آله- بالسعادة في الدنيا والآخرة، إحفظهم من شر الشيطان الرجيم -اللّهم خذ بأيدينا نحن الضعفاء العاجزين المتخلّفين عن قافلة السالكين- اللهم عاملنا بفضلك، ولا تعاملنا بعدلك.
والسلام على عباد الله الصالحين
23 ربيع الأول 1405 هـ
روح الله الموسوي الخميني
[81]
محضر الحق
[83]
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وصية من أب هَرِمٍ قضى عمراً بالبطالة والجهالة، وهو الآن سائرٌ إلى العالم السرمدي بكف خالية من الحسنات، وصحيفة سوَّدتها السيئات، يحدوه الأمل بمغفرة الله والرجاء بعفوه..
إلى إبنٍ شاب تتجاذبه مشاكل الزمان، وهو مخير بين انتخاب الصراط الإلهي المستقيم (هداه الله إليه بلطفه المطلق) وبن اختيار الطريق الآخر -لا سمح الله- حفظه الله من مزالقه برحمته.
أي بني، الكتاب الذي أهديه إليك هو نفحةٌ من صلاة العارفين، والسلوك المعنوي لأهل السلوك، رغم أن قلم من هو مثلي عاجزٌ عن تبيان مسيرة هذا السفر، وأعترف بأن ما كتبته لا يخرج عن حدِّ بعض الألفاظ والعبارات، فأنا لم أحصل إلى الآن على بارقة من هذه النفحة.
[84]
ولدي، إنّ ما في هذا "المعراج" هو الغايةُ القصوى لآمال أهل المعرفة، وقد قصرت أيدينا عنها:
" أسحب الشباك فالعنقاء لا تكون صيدا لأحد"(1- جزء من بيت شعر لحافظ الشيرازي).
ولكن!! لا ينبغي لنا اليأس من ألطاف الله الرحمن؛ فهو -جل وعلا- الآخذ بأيدي الضعفاء، ومعين الفقراء.
عزيزي.. الكلام هو في السفر من الخلق إلى الحق تعالى،ومن الكثرة إلى الوحدة، ومن الناسوت إلى ما فوق الجبروت، إلى حد الفناء المطلق الذى يحصل في السجدة الأولى، والفناء عن الفناء -هو الذي يقع في السجدة الثانية - بعد الصحو- وهذا هو تمامُ قوس الوجود (من الله وإلى الله) وفي تلك الحال ليس من ساجد ومسجود له، ولا عباد ومعبود، فـ{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ..}(الحديد/3).
ولدي، ما أوصيك به -بالدرجة الأولى- هو أن لا تُنكر مقامات أهل المعرفة، فالإنكار سُنَّةُ الجُهال، واتَّقِ معاشرة مُنكري مقامات الأولياء، فهم قُطّاع طريق الله تعالى.
بني:
تحرر من حبِّ النفس والعجب، فهما إرثُ الشيطان فبالعُجب وحبّ النفس تمرَّدَ على أمر الله
[85]
بالخضوع لوليّ الله وصفيه (جل وعلا).
واعلم ‍‍!! أن جميع ما يحلّ ببني آدم من مصائب ناشىءٌ من هذا الإرث الشيطاني، فهو أصل الفتنة، وربما تشير الآية الكريمة {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ..}(البقرة/193) في بعض مراحلها (مستوياتها) إلى الجهاد الأكبر، وقتال أساس الفتنة وهو الشيطان وجنوده. ولهؤلاء فروعٌ وجذورٌ في أعماق قلوب بني الإنسان كافة، وعلى كل إنسان أن يجاهد "حتى لا تكون فتنة" داخل نفسه وخارجها، فإذا حقق هذا الجهاد النصر، صلحت الأمور كافة وصلُح الجميع.
بني:
اسعَ لتحقيق هذا النصر أو بعض درجاته، إجتهد واعمل للحد من الأهواء النفسانية التي لا حد لها ولا حصر، واستعن بالله -جل وعلا- فإنه لا يصل أحد لشي من دون عونه؛ والصلاة -معراج العارفين وسفر العاشقين- سبيل الوصول إلى هذا المقصد.
ولو كان لك ولنا توفيقُ تحقُّق ركعة واحدة منها، ومشاهدة الأنوار المكنونة فيها، ومعرفة أسرارها الخفية -ولو على قدر ما نطيقة نحن- لحصلنا على نفحة من مقصد أولياء الله -ومقصودهم؛ ولشاهدنا
[86]
صورةً مصغّرة لصلاة معراج سيد الأنبياء والعرفاء -عليه وعليهم وعلى آله الصلاة والسلام- نسأل الله أن يمن علينا وعليكم بهذه النعمة العظمى.
الطريق إذاً طويل وخطيرٌ جدا، ويستلزم الراحلة والكثير من الزاد، وزادُ أمثالي إما معدوم أو قليلٌ جدا فما من أمل إلا أن يشملنا لطف الحبيب -جل وعلا- فيأخذ بأيدينا.
عزيزي، استثمر ما بقي من الشباب، ففي الشيخوخة يضيع كل شيء، حتى الإلتفات إلى الآخرة والتوجه إلى الله تعالى.
إن من كبريات مكايد الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، أن تمني الشباب بوعود الصلح والإصلاح عند حلول الشيخوخة، فتُخسرهم شبابهم الذي يضيع بالغفلة. وأما الشيبة، فتُمنيهم بطول العمر حتى اللحظات الأخيرة، وتصد الإنسان -بوعودها الكاذبة- عن ذكر الله والإخلاص له، إلى أن يأتي الموت، وعندها تأخذ منه الإيمان، إن لم تكن قد أخذته منه كاملا قبل ذلك الحين.
إذن؛ فانهض للمجاهدة وأنت شابٌّ تمتلك قوة كبرى، واهرب من كل شيء ماعدا الحبيب -جل وعلا- وعزِّز بما استطعت ارتباطك به تعالى إن كان لديك ارتباط.
أما إذا لم يكن لديك ذلك -والعياذ بالله- فاسعَ
[87]
للحصول عليه، واجتهد في تقويته، فليس هناك ما يستحق الإرتباط به سواه تعالى، وإذا لم يكن التعلُّق بأوليائه تعلقا به تعالى ففيه مكيدةٌ من حبائل الشيطان الذي يصدُّ عن السبل إلى الحق تعالى بكل وسيلة.
ولاتنظر أبداً إلى نفسك وعملك بعين الرضا؛ فقد كان أولياء الله الخُلّص يرون أنفسهم لا شيء، وأحيانا كانوا يرون حسناتهم من السيئات.
بني، كلما ارتفع مقام المعرفة، تعاظمَ الإحساس بحقارة ما سواه -جل وعلا.
في الصلاة -مرقاةُ الوصول إلى الله- هناك تكبير وارد بعد كل ثناء كما أن دخولها بالتكبير، وتلك إشارةٌ إلى أنه تعالى أكبر من كل ثناء حتى من أعظم ثناء وهو الصلاة. وبعد الخروج هناك "تكبيرات" تشير إلى أنه أكبر من توصيف الذات والصفات والأفعال.
ماذا اقول؟!
من الذي يصف وبأيَّ وصف؟!
وكل العالم من أعلى مراتب الوجود إلى أسفل سافلين هو لا شيء إذ إنَّ كل ما هو موجودٌ هو تعالى لا غير؟!
فماذا يمكن أن يُقال عن الوجود المطلق؟!
[88]
ولولا أمر الله وإذنه -جلّ وعلا- فربما لم يتحدث عنه بشيء أي من الأولياء، وإن كان كل ما هو موجود حديثاً عنه لا عن سواه!! والكلُّ عاجز عن التمرد عن ذكره، فكل ذكر ذكرُه:
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ..}(الإسراء/23).
و{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة/5). لعلها خطاب بلسان الحق تعالى إلى جميع الموجودات:
{..وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ..}(الإسراء/44). وهذه أيضا بلسان الكثرة، وإلا فإنه هو الحمد والحامد والمحمود "إنَّ ربَّك يُصلِّي"(6- أصول الكافي ج2 كتاب الحجة، باب مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحديث 13.) و{الله نورُ السَّموات والأَرْض}
‍‍ ولدي.. ما دُمنا عاجزين عن شكره وشكر نعمائه التي لا نهاية لها، فما أفضل لنا من أن لا نغفل عن خدمة عباده، فخدمتهم خدمة للحق تعالى، فالجميع منه!
علينا أن لا نرى أنفُسنا -أبداً- دائنين لخلق الله عندما نَخدِمُهُم، بل هُم الذي يُمنُّون علينا حقا، لكونهم وسيلة لخدمة الله جل وعلا.
ولا تسعى لكسب السمعة والمحبوبيّة من خلال هذه الخدمة، فهذه بحدِّ ذاتها من حبائل الشيطان التي يُوقعنا بها.
واختر في خدمة عباد الله ما هو الأكثر نفعاً لهم وليس ما هو الأنفع لك ولأصدقائك، فمثل هذا
[89]
الاختبار هو علامةُ الإخلاص لله جل وعلا.
ولدي العزيز؛ إن الله حاضرٌ، والعالم محضره، ومرآة نفوسنا هي إحدى صحائف أعمالنا، فاجتهد لاختيار كلِّ عمل يُقربك إليه، ففي ذلك رضاه جل وعلا.
لا تعترض عليَّ -في قلبك- بأن لو كُنت صادقاً، فلماذا أنت نفسُك على غير هذه الحال؟! فأنا نفسي على علم بأنّي لا أتَّصف بأي من صفات أهل القلوب، ولدي خوفٌ من أن يكون هذا القلم في خدمة إبليس والنفس الخبيثة؛ فأحاسَبُ على ذلك غداً، ولكن أصل هذه المطالب حقُّ، وإن كانت مكتوبةً بقلم من هو مثلي ممن لم يبعد عن الخصال الشيطانية.
وألجأ إلى الله تعالى في أنفاسي الأخيرة آملاً من أوليائه النجاة والشفاعة.
اللهم.. خُذ أنت بيد هذا العجوز العاجز، وأحمد الشاب، واجعل عواقب أمورنا خيراً..
واجعل لنا سبيلاً إلى جلالك وجمالك، برحمتك الواسعة.
والسلام على من اتبع الهدى
ليلة 15 ربيع المولود 1407 هـ ق
روح الله الموسوي الخميني
[91]
نار الشوق
[93]
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، الذي لا رحمن ولا رحيم غيره، ولا يُعبد ولا يُستعان إلا به، ولا يُحمد سواه، ولا رب ولا مربي إلا إياه. وهو الهادي إلى الصراط المستقيم، ولا هادي ولا مرشد إلا هو، ولا يُعرف إلاّ به، هو الأول والآخر والظاهر والباطن. والصلاة والسلام على سيّد الرسل ومرشد الكلّ الذي ظهر من غيب الوجود إلى عالم الشهود. وأتمّ الدائرة وأرجعها إلى أولها، وعلى آل بيته الطاهرين الذين هم مخازن سر الله. ومعادن حكمة الله. وهداة ما سوى الله.
وبعد..
هذه وصية من عجوز عاجزٍ، أمضى زهاء التسعين عاماً من عمره غارقاً في مستنقع الضلالة وسكر الطبيعة، يطوي الآن أيام أرذل عمره(1- إنه اصطلاح قرآني ورد في الآية70 من سورة النحل، وبعض الروايات عدّت ذلك عند بلوغ العام الخامس والسبعين.) منحدراً نحو قعر جهنم، غير آمل بالنجاة، وغير آيَسً من روح الله ورحمته، فلا أمل سواه تعالى، يرى نفسه عالقاً في متاهات العلوم المتعارفة والقيل والقال وأضحت معاصيه مما يعجز سوى الله تبارك وتعالى عن إحصائها.
[94]
إلى شاب يُؤمَّل له أن يشقّ طريقه نحو الحق وينجو -بتوفيق الله وهداية الهداة- من المستنقع الذي سقط فيه أبوه.
ولدي العزيز أحمد، أنظر -سلمك الله- في هذه الأوراق نظر ناظر إلى ما يُقال، لا إلى من يقول "وانظر إلى ما قال، ولاتنظر إلى من قال"(2- غرر الحكم ودرر الكلم لأمير المؤمنين عليه السلام "لا تنظر إلى من قال، وانظر إلى ما قال".). فإني أهدف مما أقول تنبيهك رغم أنني خالٍ مما أقول بعيد عنه.
إعلم أن ليس لأيّ موجود من الموجودات -بدءاً من غيب عوالم الجبروت وإلى ما فوقها أو تحتها- شيئٌ من القدرة أو العلم أو الفضيلة، وكل ما فيها من ذلك إنما هو منه جلَّ وعلا، فهو الممسك بزمام الأمور من الأزل إلى الأبد، وهو الأحد الصمد، فلا تخش من هذه المخلوقات الجوفاء الخاوية الخالية، ولا تُلق آمالك عليها أبداً، لأن التعويل على غيره تعالى شركٌ، والخوف من غيره جلت عظمته كفر.
بني:
اسع في إصلاح نفسك ما دمت تحظى بنعمة الشباب، فإنك ستخسر كل شيء في الشيخوخة، فمن مكائد الشيطان (ولعلها أخطر مكائده -التي سقط فيه أبوك ومازال- إلا إذا ادّاركته رحمة الحق تعالى) "الاستدراج"(3- هو التدرج في نحو العناد، وسمي توالي النعمة مع ارتكاب المعاصي استدراجاً.). ففي أوائل الشباب يسعي شيطان الباطن -أشد أعداء الشاب- في ثنيه عن إصلاح نفسه ويمنّيه بسعة الوقت، وأن الآن هو آن التمتع بالشباب، ويتسمر في خداعه بالوعود الفارغة ليصدّه عن فكرة الإصلاح تماما، وساعة بعد ساعة، ويوما بعد يوم يتصرّم الشباب، ويرى الإنسان نفسه فجأة في مواجهة الهرم
[95]
الذي كان يؤمِّل فيه إصلاح نفسه، وإذا به ليس بمنأىً عن وساوس الشيطان أيضا، إذ يمنيه آنذاك بالتوبة في آخر العمر. لكنه حينما يحُسُّ بالموت في آخر العمر، يصبح الله تعالى أبغض موجود إليه، لأنه يريد انتزاع الدنيا التي هي محبوبه المفضّل منه. وهذه حال أولئك الذين لم ينطفئ نور الفطرة فيهم تماما. وهناك من أبعدَهم مستنقع الدنيا عن فكرة الإصلاح كلياً، وسيطر عليهم غرور الدنيا بشكل تام، وقد رأيت أمثال أولئك بين أهل العلوم وما زال بعضهم على قيد الحياة، وهم يرون أن الأديان ليست سوى خرافة وترهات.
بني:
إنتبه جيداً، إلى أن أيّ أحد منا لا يمكنه أن يكون مطمئنا إلى عدم وقوعه في حبائل هذه المكيدة الشيطانية.
عزيزي إقرأ أدعية الأئمة المعصومين عليهم السلام وانظر كيف أنهم يعتبرون حسناتهم سيئات، وكيف يرون أنهم يستحقون العذاب الإلهي، ولا يفكرون سوى برحمة الحق تعالى. وأهل الدنيا -وتلك الفئة من المعمّمين اللاهثين وراء بطونهم، إنما يُؤولون هذه الأدعية، لأنهم لم يعرفوا الله جل وعلا.
بني:
والأمر في ذلك فوق ما نتصوره، فهم بين يدي عظمة الله، فانون من أنفسهم، لا يرون غيره تعالى، وفي تلك الحال ليس هناك كلام أو ذكر أو فكر، وليس هناك ذات. وهذه
[96]
الأدعية الكريمة والمناجات إنما صدرت منهم في حال الصحو قبل المحو أو بعد المحو، حيث أنهم حينها كانوا يرون أنفسهم في محضر الحاضر. ونحن والجميع -عدا أولياء الله الخلص- قاصرون عن ذلك.. إذن فسأبدأ الحديث عن تلك الأمور -التى لا تليق بأمثالي وإنما الأمل بفضل الله وإمداد أوليائه عليهم السلام أن يعينك أنت يا ولدي، لعلك تصل إلى تلك الحال- وهي "فطرة التوحيد" الأمر الموجود في {..فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا..}(الروم/30). فهو أمرٌ فُطر عليه جميع الناس، بل جميع الموجودات، فما يُبحث عنه ويجرى وراءه الجميع سواء في العلوم والفضائل والفواضل، أو في المعارف وأمثالها، أو في الشهوات والأهواء النفسانية، أو في التوجّه إلى كل شيء وأي شخص من قبيل أصنام المعابد والمحبوبات الدنيوية الأخروية الظاهرة والخيالية المعنوية والشكلية، كحب النساء والبنين والقبيلة والقادة الدنيونيين كالسلاطين والأمراء وقادة الجيوش، أو القادة الأخرويين كالعلماء المفكّرين والعرفاء والأنبياء عليه السلام كل ذلك هو ذات التوجّه إلى الواحد الكامل المطلق. فليس من حركة تقع إلا له تعالى، وفي سبيل الوصول إليه جل وعلا، وليس من قدم تخطو إلا نحو ذلك الكمال المطلق، ونحن وأمثالنا -ممن حجبتنا الحجب الظلمانية المتراكمة بعضها فوق بعض- إنما نعاني ونتعذب نتيجة هذا الاحتجاب، وأول خطوة تكون مقدمة لرفع الحجب هي أن نعتقد أننا محجوبون، وأن علينا أن نصحو تدريجيا من خَدرَ الطبيعة الذي شمل كامل وجودنا من السر والعلن والباطن والظاهر وهي اليقظة التي
[97]
عدها بعض أهل السلوك" المنزل الأول" من منازل السالكين، إلا أنها ليست كذلك، فهي حالة عودة الوعي والاستيقاظ، وهي مقدمة للبدء في السير ورفع جميع الحجب الظلمانية، ثم الحجب النورانية والوصول إلى أول منزل التوحيد.
والأمر سيان إذا التزمنا إطار العقل، أو الأطر الأخرى بأسرها، فجميعها تفصح عن أن الكمال المطلق هو جميع الكمالات، وإلا فهو ليس بمطلق، ولا إمكان لظهور أي كمال أو جمال في غير الله، لأن الغيرية هي عين الشرك أن لم نقل أنها إلحاد.
عزيزي:
ينبغي -أولا- أن تخطو بقدم العلم رويدا رويدا، فإنّ أي علم هو الحجاب الأكبر، وبالدخول بهذا الحجاب ستتعلم رفع الحجب. تعال إذن ننطلق معا نحو الوجدان، لعل ذلك يفتح الطريق أمامنا.
إن أي إنسان، بل أي موجود عاشقٌ للكمال بالفطرة ومتنفرٌ من النقص، فأنت إنما تطلب العلم لأنك تطلب الكمال. وبذا فأنت ترى أن فطرتك لا تقنع أبداً بأي علم تناله، وهي بمجرد أن تدرك وجود مراتب أرقى وأعلى في هذا العلم، فإنها ستبحث عنها وتطالب بها، وسوف تتنفّر مما لديها من العلم الذي نالته لما سترى من محدودية ونقص. فما تعشقه الفطرة هو كمال العلم لا نقصه، ولو إن مقتدرا اهتم بقدرته فهو إنما يسعى إلى كمال القدرة لا إلى نقصها، لذا نرى المقتدرين يسعون دوماً لقدرة أعظم وأعلى،
[98]
غافلين عن أن القدرة المطلقة إنما هي الموجود المطلق. وأن جميع "دار التحقق" إنما هي مظهر من ذلك الموجود المطلق. وأينما تولِّ وجهك إنما تولَّ وجهك إليه، إلا أنك محجوبٌ ولا تعلم، وإذا أدركت هذا المقدار وفهمته بالوجدان فلا يمكن أن تتوجّه إلى غير الموجود المطلق، وذلك هو الكنز الذي يغني الإنسان عن الحاجة إلى غيره تعالى، ويصبح كلُّ ما يصل إليه من المحبوب المطلق، وكل ما سُلِبَه إنما سَلَبَه إياه المحبوب المطلق. حينها ستستشعر اللذة حينما ترى من يبحثون عن سقطاتك وعيوبك، لأن ذلك كله من المحبوب وليس منهم، وحينها أيضا لن تعلق القلب بأيِّ مقام غير مقام الكمال المطلق.
ولدي العزيز:
دعني أتحدث إليك الآن بقلمي ولساني العاجزين:
أنت والجميع تعلمون بأنكم تحت ظل نظام وقف بوجه القوى الشيطانية بيُمن القدرة والتوفيق الإلهيين، وبدعاء وتأييد بقية الله (5- مر ذكره سابقا.) -أرواحنا لتراب مقدمة الفداء- وبتضحيات الشعب الإيراني الثوري -روحي فداهم واحداً واحداً- نظامٌ مرغ بالتراب أنف نظام الفوضى الملكية الذي لم يُحسن -خلال آلاف السنين- غير الظلم وإلحاق الأذى بأبناء الشعب والقتل والنهب. وفي هذا الخضمّ تعرض أولئك الطفيليون -أتباع النظام الفاسد الذين مارسوا أنواع الظلم والتعدي والسلب- إلى السقوط من أوج قدرتهم إلى أسفل السافلين -كما حصل لتك القوى الشيطانية وشبكات
[99]
إعلامها المضلل- وتفرق الكثير منهم الآن في مختلف البلدان الأجنبية، عدا من بقي منهم في داخل البلاد وقلبه متعلق بالأجانب، وقد عقدوا مع الغرب عقد الوئام، فهم جميعاً قد تعرضوا إلى فقدان مصالحهم على المستوى الدولي، وأصبحوا حديث الناس بما أصابهم من الخزي والعار، واليوم فإن لهؤلاء -خصوصا أمريكا الناهبة- مؤيدين في العالم، وبين الشعوب المستضعفة والغافلة عن حقيقة القدرة التي يمتلكها الإسلام، وفي مجتمعنا نحن أيضا، العديد من المأسورين بأمريكا يعيشون بيننا وقد امتشقوا سيوفهم بوجه هذه الجمهورية المباركه والمسؤولين فيها، ينتظرون زوالها لما يرون من خطر يُهدّد منافع الغرب، بسبب الإسلام العظيم -القدرة الوحيدة التي تسببت في تعرضهم لهذا الخطر.
كذلك فإن الشرق الملحد -الذي يقف بوجه أيّة محاولة تمسّ قدرته، وبعد أن سيطر هو الآخر على نصف العالم- يحس أنه وأصدقاءه في معرض الخطر أيضاً من هذا الإسلام المتنامي القدرة، هذا الشرق الملحد له في داخل البلاد وخارجها مؤيدون أيضاً يقفون تبعا لمعبودهم الكبير بوجه الإسلام العظيم والجمهورية الإسلامية ومسؤولي النظام، ويسعون جاهدين للقضاء عليها وعلى أيّ أثر لها.
في مثل هذا المحيط، وفي مثل هذه الأوضاع، هل تتوقع أن يُشدّ على يد الجمهورية الإسلامية، وينبري المادحون لمدحها، والترحيب بها وبالمسؤولين فيها؟
إن طبيعة التفكير البشري الفاسد تقتضي إزالة ما يُعتبر عوائق من الطريق، واستخدام أية وسيلة لتحقيق ذلك،
[100]
وأحد أساليبهم التي يلجأون إليها -علاوة على الأسلوب العسكري والاقتصادي والقضائي- "الأسلوب الثقافي" فالثقافة المنحطة للغرب والشرق تقتضي استخدام كل الإمكانات الإعلامية المتاحة لهم لنشر الأكاذيب على مدار الساعة، وإلصاق الاتهامات والافتراء على الثقافة الإسلامية الإلهية، واستغلال كل فرصة للقضاء على القوانين الإلهية للجمهورية الإسلامية وعلى أصل الإسلام، واعتبار المرتبطين بالإسلام رجعيين وفاقدين للحسّ السياسي. إلى غير ذلك، من القول بعدم مناسبة القوانين الإسلامية لعصرنا الحاضر، على أساس أنها قوانين مضى عليها ألف وأربعمائة عام، فلا تنفع في إدارة الأمور في وقتنا الحاضر الذي يمتلىء بالمستجدات التي لم تكن موجودة في تلك العصور، وقد كرر بعض مدّعي الإسلام هذه الأمور أيضاً، وما زالوا.
في مثل هذا المحيط ينبغي الوقوف بوجه هذه المؤامرات الواسعة -استناداً إلى الثقافة الإلهية الإسلامية- والثبات بوجهها، فينبري لذلك الكتاب الملتزمون والخطباء والفنانون للاستفادة من هذه الفرصة العظيمة، وباستمداد من الروحانيين العارفين بالفقه الإسلامي والقرآن الكريم، ممن يستنبطون الأحكام الإلهية المناسبة لكل عصر بالاجتهاد الصحيح من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة والأخبار الفياضة بالمعارف الإلهية والفقه الأصيل(6- الفقه التقليدي هو أسلوب في استنباط واستخراج الأحكام الشرعية من مصادرها الفقهية المعتبرة، وقد التزم علماء المسلمين الشيعة بهذا الأسلوب منذ عهد الائمة عليهم السلام وحتى يومنا هذا، البعض كان يظن أن هذا الأسلوب يتعارض مع الفقه المتحرك، لكن الإمام الخميني(قده) اعتبر أن الفقه الحركي أو المتحرك -الذي يشكل أثر دور الزمان والمكان في الاجتهاد- يسير بموازاة الفقه التقليدي ومكمل له.) وعرضها للعالم أجمع. ولا تخشوا أولئك الذين لا همَّ لهم سوى البحث عن عيوب الآخرين، والمنحرفين، ووعاظ السلاطين، والمعمّمين المرتبطين ببلاط الملوك، وفهِّموا أولئك القشريين من
[101]
الروحانيين أو غيرهم ممن يقفون بوجه الحكومة الإسلامية جهلا أو عمدا، أو بباعث الحسد أو عدم الفهم -بما اتبعه النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وسائر الأئمة من أساليب، وبالموعظة الحسنة- بأن هذه الانحرافات إذا أدّت إلى إلحاق ضرر ما -لا سمح الله- بالجمهورية الإسلامية التي تهدف إلى إحياء الإسلام الذي تعرض للظلم على مدى التاريخ، فإن الإسلام سيتعرض إلى ضربة من الغرب والشرق، ومن المرتبطين بهما مما يؤدي إلى أن نواجه قروناً من الفساد تفوق عصر الملكية المقبور الظالم ظلمةً وفساداً.
والآن جاء دور تقديم النصيحة الأبوية إلى ولدي أحمد:
بني:
رغم أنك لم تتصد لأية مسؤولية مما تصدى له القادة الإسلاميون المسؤولون -أيدهم الله تعالى- إلا أنك تتعرض للكثير من الصدمات، وما ذلك إلا لأنك إبني، فبناءاً على فهم الغرب والشرق، ينبغي أن أصبح أنا وكل من هو قريبٌ مني -خصوصا أنت لما تمثله من القرب الشديد مني- موضعاً للتهمة والأذى والافتراء. فجريرتك الحقيقية هي أنك ابني، وهذا ليس بالجرم القليل في نظرهم، ولاشك أ،هم سيعرضونك إلى أشدّ من هذا، وعليك أن تستعد لتحمّل المزيد، ولكنك إذا تمسكت بالإيمان وبالاعتقاد بالله تعالى، واطمأننت إلى حكمه الباري ورحمته الواسعة، فإنك سترى هذه التهم والافتراءات والمتاعب المتزايدة هدايا من محب يريد إعانتك على ترويض نفسك، وابتلاءً وامتحاناً
[102[
إلهياً لتنقية نفوس عبيده. تحمّل الصدمات إذن، واشكر الله تعالى على رعايته لك واسأله المزيد.
ابني العزيز:
رجوتني مرات عديدة أن لا أتحدث عنك بما يدلُّ على تبرئتك من التهم المنسوبة إليك، وقلت أن ذلك لأجل الإسلام ومصلحة الجمهورية الإسلامية. ولكن إذا رأيت في هذه الوريقات أني خالفت قولك هذا وقلت عنك شيئاً غير ما طلبت مني، فاعلم أن ذلك عمل بالتكليف الإلهي، والتصدي للدفاع عن شخص مسلم، أو عن أحد عباد الله ممن تحمّلوا في سبيلي كل هذه التهم والأذى، دون أن أقول أنا كل ما أعرف عنه.
أشهد الله القاهر الحاضر المنتقم بأن (أحمد) ومنذ اليوم الذي تصدى فيه لمساعدتي، وأصبح مسؤولاً عن علاقاتي الخارجية وإلى الآن -حيث أكتب هذه الكلمات- لم يخطُ خطوةً، أو يكتب حرفاً واحداً خلافا لقولي، أو لما أكتبه، وقد سعى بحرصٍ شديد على عدم تغيير كلمة واحدة، بل حتى حرف واحد أحيانا مما قلته أو كتبته مما يرى هو حاجة إلى إصلاحه دون إذنٍ مني، رغم أني أجزته هو وبعض أعضاء مكتبي الخاص ممن تكفلوا مسؤولية العلاقات الخارجية -حفظهم الله- أن يلفتوا نظري إلى أي شيء يرون فيه خلاف الصلاح، وقد كان ابني (أحمد) دوما في مجريات هذه الأمور وما زال، إلاّ أنه إلى الآن لم يعمل على إضافة أو إنقاص كلمة دون الرجوع إليّ -والله على كل ذلك شهيد.
[103]
إلهي ‍ رغم عدم رغبتي في كتابة أو قول أي شيء حول أقربائي مما يُشمّ منه رائحة المديح، إلا أنك تعلم ياإلهي بإنّ السكوت إزاء التهم الباطلة جرمٌ وذنب، وإنّي لم ألمس من إخواني ممن يعملون في مكتبي أية مخالفة تستوجب عدم رضاي. هؤلاء كان لهم ماضٍ طويل معي، وقد تعرض من بينهم الشيخ الصانعي(7- هو الشيخ حسن الصانعي من العلماء الملتزمين والمجاهدين، ويتولى حاليا رئاسة مؤسسة الخامس عشر من خرداد.) إلى مختلف الصدمات -على مدي حياتي- بسبب ارتباطه بي وإني أدعو لهم جميعا بالأجر الجزيل والصبر الجميل.
لا يفوتني أن أقول في الختام بأن (أحمد) لم يستلم إلى الآن ديناراً واحداً من بيت المال، وإني أنفق من أموالي الخاصة لأمور معاشه.
اللهم اغفر لنا -نحن عبيدك الغارقون في الذنوب- ولا تحجب عنا رحمتك الواسعة، وإن كنا لسنا أهلاً لذلك، ولكنّا مخلوقاتك.
اللهم! احفظ هذه الجمهورية الإسلامية والمسؤولين فيها، ومقاتلينا الأعزاء، وارعهم بعين رعايتك، وارحم الشهداء والمفقودين الإعزاء وعوائلهم برحمتك، ورُدّ الأسرى والمفقودين إلى أوطانهم بحق محمد وآله الأطهارعليهم السلام.
بتاريخ 27 -ربيع الثاني 1408هـ- 19/12/1987م
روح الله الموسوي الخميني
[105]
وقود الحب
إلى السيدة فاطمة الطباطبائي
[107]
بسم الله الرحمن الرحيم

" فاطمة التي طلبت مني رسالة عرفانية، طلبت من نملة عرش سليمان كأنها لم تسمع "ما عرفناك" ممن طلب منه جبريل نفحة رحمانية"(1- إشارة إلى رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما عبدناك حق عبادتك وما عرفناك حق معرفتك" مرآة العقول8/146.)
أخيراً بعد الإصرار، حملتني على أن أكتب وبشكل ببغاوي، عدة أسطر عما قلبي غير مطلع عليه، وأنا أجنبي عنه. وهذا في الوقت الذي رمى ضعف الشيخوخة ما كان في كنانتي -رغم أنه لم يكن شيئا يذكر- في دائرة النسيان.. وأضيفت إلى ذلك الابتلاءات التي لا تُحكي ولا تُكتب.. ويكفي أن أذكر تاريخ هذا الكتاب ليُعلم في أي زمان بدأت (الكتابة) حتى لا أرد طلبك السبت 24 شعبان المعظم 1404/5 خرداد 1363، وليلاحظ القراء أوضاع العالم وإيران في هذا التاريخ.
من أين أبدأ، الأفضل أن يكون ذلك من الفطرة{..فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ..}(الروم/30). هنا أكتفي بالفطرة الإنسانية رغم أن هذه خاصية الخلقة {..وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ..}(الإسراء/44).، "الكل يقولون:" نحن سميعون وبصيرون
[108]
ومدركون إلاّ أننا معكم أيها الأجانب ساكتون"(2-مضمون بيتين لمولوي، الدفتر الثالث.)، نحن أيضا نلقي نظرةً على العرفان الفطري للناس ونقول: بمقتضى الفطرة والخلقه لا يمكن أن يتوجه الإنسان إلى غير الكمال المطلق أو يتعلق قلبه به.
كل الأرواح والقلوب متوجهةٌ إليه، ولا ولن تبحث عن غيره، وتمدحه هو ولا تستطيع أن تمدح غيره. . مدح كل شيء مدح له رغم أنّ المادح ما دام في الحجاب يظن أنه يمدح غيره.. وفي التحليل العقلي الذي هو أيضاً حجاب، الأمر كذلك أيضا.
ذلك الذي يطلب الكمال كيفما كان يعشق الكمال المطلق لا الكمال الناقص.. كل كمال ناقص محدود بالعدم، والفطرة تنفر من العدم.
طالب العلم يطلب العلم المطلق ويعشق العلم المطلق وكذلك طالب القدرة وطالب كل كمال.
الإنسان -بالفطرة- عاشق الكمال المطلق، وما يريده في الكمال الناقص هو كماله لا نقصه، لأن الفطرة منزجرةٌ منه. والحجب الظلمانية والنورانية هي التي توقع الإنسان في الخطأ.
الشعراء والمداحون يظنون أنهم يمدحون الأمير الفلاني أو المقتدر الفلاني أو الفقيه الفلاني..
أنهم يمدحون القدرة والعلم لا بشكلهما المحدود وإن ظنوا أنها محدودة. وهذه الفطرة لا يمكن تبديلها وتغييرها{..لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ..}(الروم/30). وما دام الإنسان في حجاب نفسه ومشغولا بنفسه ولم يخرق
[109]
الحجب حتى الحجب النورانية ففطرته محجوبة والخروج من هذا المنزل يحتاج -بالإضافة إلى المجاهدات- إلى هداية الحق تعال. تقرأين في المناجات الشعبانية المباركة:"إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقةً بعزّ قدسك، إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك ولاحظته فصعق لجلالك فناجيته سراً(3- بحار الأنوار 91/97)..."، كمال الإنقطاع هذا هو الخروج من منزل الأنا والإنية ومن كل شيء وكل شخص، والالتحاق به والانقطاع عن الغير. وهو هبةٌ إلهية إلى الأولياء الخلّص بعد الصعق الحاصل من الجلال الذي يقع إثر اللحظ (ولاحظته) الخ....
وما لم تُنوّر أبصار القلوب بضياء نظرته لا تُخرق حجب النور ومادامت هذه الحجب باقية فلا سبيل إلى معدن العظمة، ولا تحصل الأرواح على التعلّق بعزّ القدس ولا تحصل مرتبة التدلي"ثم دنا فتدلى" وأدنى من ذلك الفناء المطلق والوصول المطلق.
"أيها الصوفي يجب الحصول على الصفاء من طريق العشق"
"العهد الذي عاهدته يجب الوفاء به"
"ما لم يتحقق لك وصال المحبوب فيجب أن تفني نسك في الطريق إليه"(4-* مضمون بيتين).
ولا تتحقق النجوى السرية للحق مع عبده الخاص إلا بعد الصعق واندكاك جبل الوجود(5-إشارة إلى مضمون قوله تعالى: {..فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}(الأعراف/143).) رزقنا الله وإياك.
[110]
إبنتي:
الإنشغال بالعلوم حتى العرفان والتوحيد إذا كان لاكتناز الاصطلاحات -هو حاصل- أو لأجل نفس تلك العلوم، فإنه لا يقرب السالك من الهدف بل يبعده عنه (العلم هو الحجاب الأكبر).
وإذا كان البحث عن الحق وعشقه هو الهدف -وهو نادرٌ جداً- فذلك مصباح الطريق ونور الهداية، (العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده)(6-المحجة البيضاء /5/45 بحار الأنوار 1/235 باختلاف يسير.) وللوصول إلى يسير منه يلزم التهذيب والتطهير والتزكية؛ تهذيب النفس وتطهير القلب من غيره فضلاً عن التهذيب من الأخلاق الذميمة التي يحتاج الخلاص منها إلى كثيرٍ من المجاهدة وفضلا عن تهذيب العمل مما هو خلاف رضاه جل وعلا، والمواظبة على الأعمال الصالحة، من قبيل الواجبات التي هي في الطليعة، والمستحبات بقدر الميسور وبالقدر الذي لا يوقع الإنسان في العجب والأنانية.
ابنتي:
العجب والغرور نتيجتان لغاية الجهل بحقارة النفس وعظمة الخالق، إذا فكر (الإنسان) قليلاً في عظمة الخلقة بالمقدار الذي وصل البشر -رغم كل هذا التقدم العلمي- إلى شيء يسير منه، يدرك حقارة وضآلة نفسه وكل المنظومات الشمسية والمجرات، ويفهم قليلا من عظمة خالقها ويخجل من عُجبه وأنانيته وغروره ويشعر بالجهل.
[111]
في قصة حضرة سليمان نبي الله عليه السلام نقرأ عندما يمر بوادي النمل: {..قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}(النمل/18).
النملة تصف سليمان النبي مع مرافقيه بعنوان {لا يشعرون} والهدهد يقول له {أحطت بما لم تحط به} وعمى القلوب لا يستطيعون تحمل نطق النملة والطير فضلا عن نطق ذرات الوجود وما في السموات والأرض التي يقول خالقها: {.. إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ..}(الإسراء/44).
الإنسان الذي يرى نفسه محور الوجود -رغم أن الإنسان الكامل كذلك- غير معلوم أنه كذلك في نظر سائر الموجودات، والبشر الذين لم يبلغوا الرشد ليسوا كذلك {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://morth.forumarabia.com
 
الجزء الثاني وصايا عرفانيه رحمانيه وصاياه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تجليات رحمانية وصايا عرفانيه الجزء الاول
» كلمات عرفانيه جميله
» في أحوال أصحابه وأهل زمانه الجزء الثاني
» البسملة الجزء الثاني ايظاح للسالك الى الله
» وصايا الرسول للامام علي عليهما صلوات الله وسلامه عليهما الجزء الاول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991 :: الفئة الأولى :: قسم مختص بالعرفان (من كتب وقصص وعبرواحاديث)عالم العرفان المعرفة في الله وطاعته-
انتقل الى: