السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991

السيد الرضوي الموسوي الروحاني للعلاج الروحاني العالم الروحاني للكشف الروحاني هاتف 07806835991
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السيد المقدس مرتضى الموسوي الروحاني المعالج الروحاني لجلب الحبيب من العراق الاتصال07806835991 ومن خارج العراق 009647806835991
السيدمرتضى الموسوي الروحاني المعالج بالقران وسنة رسوله الكريم العالم الروحاني الذي تميز عن غيره بالصدق والمنطق والعمل الصحيح المعالج الروحاني على مستوى العالم العربي والغربي العالم بالعلوم الفوق الطبيعه السيد الاجل الذي دل صدقه وكلامه على العالم بفضل الله ومنه ورحمته علينا وعليه المعالج الباب الاول لكل ما يطلب منه تجده بأذن الله ومشئيته سبحانه بين يديك ببركة الاولياء والانبياء واسرارهم
العالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي للكشف الروحاني عن كل ما يطلب منه بأذن الله ولعلاج الحالات المرضيه الروحيه والنفسيه وفك السحر وابطاله وفتح النصيب واعمال المحبة كله من كتاب الله الكريم واسراررب العالمين تجده في الموقع الرضوي العالم الروحاني للكشف وللعلاج ولاي مقصد اتصل على الرقم اذا كنت من خارج العراق009647806835991 أومن داخل العراق07806835991 او راسلنا على الاميل الالكتروني morthadh86@yahoo.com العالم الروحاني الذي شاع صيته في البلدان بصدقه ونورعمله وعلوا مرتبته العالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي العالم الروحاني المتواضع في العمل وتزكيته معكم الموقع الشخصي للعالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي والله يشهد انه لمن الصادقين https://morth.forumarabia.com

 

 لسرالصلاة العارفين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الله السائر الى الله
المديرالعام للمنتدى



عدد المساهمات : 1869
تاريخ التسجيل : 25/02/2012

لسرالصلاة العارفين Empty
مُساهمةموضوع: لسرالصلاة العارفين   لسرالصلاة العارفين Icon_minitimeالسبت يوليو 21, 2012 6:25 pm


[93]
عن مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام ((إذا أردت الطهارة والوضوء فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله، فإن الله قد جعل الماء مفتاح قربته ومناجاته ودليلاً إلى بساط خدمته وكما أن رحمته تطهر ذنوب العباد فكذلك النجاسات الظاهرة يطهرها الماء لا غير. قال الله تعالى {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}(الفرقان48). وقال عز وجل {وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ}(الأنبياء30). فكما أحيا به كل شيء من نعيم الدنيا كذلك بفضله ورحمته جعل حياة القلوب بالطاعات وتفكّر في صفاء الماء ورقته وطهوره وبركته ولطيف امتزاجه لكلّ شيء وفي كل شيء واستعمله في تطهير الأعضاء التي أمرك الله بتطهيرها وأت بآدابها فرائضه وسننه فإنّ تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة إذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عين فوائده عن قريب، ثم عاشر خلق الله تعالى كامتزاج الماء بالأشياء يؤدي كل شيء حقه ولا يتغيّر عن معناه معتبراً لقول رسول الله (ص) ((مثل المؤمن الخالص

[94]
كمثل الماء)) وليكن صفوتك مع الله في جميع طاعاتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء طهوراً، وطهّر قلبك بالتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء)).
فأنت أيها العارف بالمعارف الإلهية والسالك سبيل العوارف الغيبية إذا أردت الطهور المطلق وخرجت عن قيود حجب الألفاظ والعبارات فتوجّه نحو الماء النازل من سحاب الرحمة بقشرك وطهّر القذارات الصورية، وقم بآداب فرائضه وسننه لأن الله تعالى جعل الماء مفتاح قربه ومناجاته ودليلاً إلى بساط خدمته.
وتوجّه بالماء النازل من سماء الرحمة الغفارية إلى باطنك وطهّر قذارات المعاصي بالقيام بآداب فرائضه وسننه التي قالها علي عليه السلام في باب التوبة لأن الله تعالى جعل ماء الرحمة الغفارية مفتاح قربه ومناجاته ودليلاً إلى بساط رحمنه.
وتوجّه بالماء النازل من سماء المشيئة إلى قلبك وطهّر القذارات القلبية والكدورات المعنوية لأن الماء مفتاح القرب المعنوي ودليل الوصول إلى بساط الخدمة.
وتوجّه بالماء النازل من سماء الأحدية إلى روحك وطهّر قذارات التوجّه إلى الغير والغيريّة لأن الماء مفتاح النوافل ودليل الوصول إلى بساط الخدمة.
وتوجّه بالماء النازل من سماء الأحدية المطلقة إلى سرّك وطهّر

[95]
قذارات رؤية الكثرة لأن الماء مفتاح الوصول إلى بساط الحضور.
وتوجه بالماء النازل من سماء الهداية وطهر رؤية المقام فإنه مفتاح قرب الفرائض والفناء المطلق، ودليل الوصول إلى بساط الحاضر وإلى هذا المقام تنتهي طهارة السالكين إلى الله وطهورهم.
وبعد هذا يشرع طهور أهل الوصول وهو نتيجة قرب الفرائض وهو يشرع من الباطن ويطّلع على القلب ويختم في ملك البدن فلكل من الواصلين طهوراً يختص به وتفصيله خارج عن مجال هذه الأوراق.
وكما أن الصادق عليه السلام بحسب هذه الرواية الشريفة أمر بالتفكّر في الجهات المختلفة للماء وجعل كل تفكر وسيلة إلى الارتقاء إلى مقام، مثل التفكر في إحيائه وصفائه ورقته وطهوريته وبركته ولطف امتزاجه فأنت أيضاً أطع أمر المولى الصادق المصدّق عليه السلام واجعل جميع الجهات الصورية وسيلة للارتقاء إلى المقامات المعنوية. فأحي ظاهرك باستعمال الطهور وأبعد الكسل والفتور والنعاس ببركته عن نفسك، واصف صورتك وتوجه إلى بساط القرب بظاهر طاهر مطهّر، وأحي أعضاءك بطاعة مولاك وأحي باطنك بحياة الفكر في المبدأ والمنتهى والمنشأ والمرجع وأحي قلبك بحياة الإيمان والاطمئنان، وأحي سرّك بحياة التجليات الافعالية والأسمائية والذاتية بمراتبها وتفكّر في صفاء الماء، وامش

[96]
لمولاك بقدم الصدق والصفاء وتحقّق على مراتب الإخلاص ونحن سنذكر في باب النيّة الإخلاص إن شاء الله تعالى.
وعاشر عباد الله أيضاً بالإخلاص واترك إجراء إرادتك المستقلة في طريق الحق والخلق، وتفكّر في لطف امتزاج الماء بالأشياء فإن امتزاجه لإصلاح حالها وإيصالها إلى كمالها اللائق بها وإحيائها فلتكن كيفية معاشرتك ومعاملتك مع عباد الله أيضاً بهذا النحو. وانظر إلى عباد الله بعين العطف والإصلاح وكن في صدد إصلاح ظاهرهم وباطنهم وإحيائهم حتى هدايتك الضالين، ونهيك أهل العصيان عن المعصية لأجل إصلاح حالهم لا لأجل تنفيذ إرادتك فإذا كان تطهيرك مقارناً بالتفكرات المذكورة فتنفجر لقلبك عيون المعارف والحكم حسب ما وعده الإمام الصادق عليه السلام في هذا الحديث الشريف، وتهتدي إلى أسباب الطهارة وحقائقها وتلتفت بالعنايات الغيبية والرياضات النفسانية إلى حقائقها فتصير بذلك لائقاً للوصول إلى مقام القرب وبساط الأنس.

[97]
الفصل الرابع

في سر الوضوء




[99]
روي عن الأئمة الأطهار عليهم السلام: أن آدم لمّا مشى إلى الشجرة وتوجه إليها وتناولها فوضعها على رأسه طمعاً في الخلود وإعظاماً لها أُمرت هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس بأن يطهّروا هذه المواضع بالمسح والغسل ليتطهروا من جنابة الأب الذي هو الأصل. وقد نقل عن الصدوق في مجالسه ما يقرب من هذه الرواية.
اعلم أن آدم عليه السلام كان في جنّة اللقاء في حالة الجذبة ولم يكن متوجّهاً إلى شجرة الطبيعة ولو كان باقياً بتلك الحالة لسقط عن الآدمية ولم ينل سيره الكمالي الذي لابدّ له من نيله في القوس الصعودي، ولم يبسط بساط الرحمة في هذا العالم فتعلّقت الإرادة الأزلية ببسط بساط الرحمة والنعمة في هذه النشأة وفتح أبواب الخيرات والبركات وإخراج الجواهر المخزونة في عالم الملك والطبيعة من أرض الطبيعة، وإخراج أثقالها وهذا الأمر لم يحصل في سنة الله إلاّ بتوجه آدم إلى الطبيعة وخروجه من ذلك المحو إلى

[100]
الصحو وخروجه من جنة اللقاء والجذبة الإلهية الذي هو أصل الخطيئات، فسلّط عليه القوى الداخلية والشيطان الخارجي لتدعوه إلى هذه الشجرة التي كانت مبدأ لبسط الكمالات ومنشأ لفتح أبواب الفيوضات فأبعدت آدم عن بساط القرب قبل تنزّله ودعته إلى التوجه للطبيعة ليرد الحجب الظلمانية لأن الحجاب لا يمكن خرقه قبل الورود فيه. قال تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}(التين4-5) .وهذا الردّ إلى أسفل السافلين أي إلى آخر الحجب الظلمانية من جهة جامعية هذه الأعجوبة الإلهية ومن لوازم تعليم الأسماء والصفات في الحضرة العلمية. فإذا خرج آدم من ظهوره الملكوتي الإيجادي بالتوجه إلى ملكه صار محدثاً بالحدث الأكبر ومجنباً بالجنابة العظمى. وهذا التوجّه لمّا تمثّل في حضرة المثال والجنة الدنيوية فتمثّلت الدنيا في صورة الشجرة وابتلي آدم بالخطيئة بالتوجه والمشي إليها وأخذها باليد ووضعها على الرأس وإعظامها فلا بدّ له ولذريّته وخصوصاً هذه الأمة خير الأمم والعارفة بالأسرار من نور الأولاد الأطهار من جبران تلك الخطيئة، فيطهّرون موارد تلويث ظاهره بالماء الطاهر النازل من حضرة الرحمة ويطهّرون موارد تلويث باطنه وقلبه بماء التجليات من حضرة اللاّهوت. فعند تطهير الوجه يغسلون قلوبهم عن الغير بالكلّية وعند تطهير اليد يطهرونها من مرفق التلّوث بالدنيا إلى منتهى أصابع المباشرة لها،

[101]
ويمسحون بفضله أقصى عرش التوجه إلى الطبيعة ومنتهى المشي إليها وإلى حصول آمالها فيخرجون من فضول التوجّه إلى الملك وبقايا آثاره، ويخرجون من خطيئة الأب الأول والذي هو الأصل ومن جنابته.
وفي العلل بإسناده في صلاة المعراج ثم قال ربي عزّ وجلّ يا محمد مدّ يدك فيتلقاك ماء يسيل من ساق عرشي الأيمن فنزل الماء فتلقّيته باليمين فمن أجل ذلك أوّل الوضوء باليمنى ثم قال يا محمد خذ ذلك واغسل به وجهك وعلّمه ذلك فإنك تريد أن تنظر إلى عظمتي وأنت طاهر ثم اغسل ذراعيك اليمين واليسار وعلّمه ذلك، فإنك تريد أن تتلقى بيديك كلامي وامسح بفضل ما في يديك من الماء رأسك ورجليك إلى كعبيك وعلّمه المسح برأسه ورجليه وقال: إني أريد أن أمسح رأسك وأبارك عليك فأما المسح على رجليك فإني أريد أن أوطئك موطئاً لم يطأه أحد قبلك ولا يطؤه أحد غيرك ((الحديث)).
فأنت أيضاً أيها الشقيق العرفاني والرفيق الإيماني متأسيّاً بقدوة أهل المعرفة واليقين مدّ يدك اليمنى إلى رحمة الحق وتلقّ من الماء النازل من ساق العرش الأيمن فإن الحق تعالى لا يردّ الفقراء إلى الله صفر الأيدي ولا يرد كشكول أرباب الحوائج فارغاً، فخذ من ذلك الماء ماء الرحمة واغسل به وجهك المتلوّث بالدنيا بل بما سوى الله

[102]
فإنه لا يمكن النظر إلى عظمة الحق تعالى بتلك القذارات والتلوثات فإن الدنيا والآخرة ضرّتان، ثم اغسل يديك من مرافق رؤية الحول والقوة إلى أصابع مباشرة رؤية الإنيّة والأنانيّة فلا حول ولا قوة إلا بالله فإنه لا يمكن مسّ كتاب الحق بهذه القذارة قذارة استقلال النفس. قال تعالى {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}(الواقعة79). وامسح بفضله رأسك وضع عن رأسك العلوّ والعظمة والتكبر لكي تكون ممسوحاً بيد الحق تعالى وأخرج من رأسك الغير والغيرية لتكون مباركاً ببركات الحق. وطهّر رجل التردّد في شؤون الكثرة لتكون محرماً لمحفل الأنس وضع رأسك تحت قدمك كي تليق أن تطأ بساط العظمة.

[103]
الفصل الخامس

في ستر العورة



[105]
وهو عند العامة ستر مقابح البدن عن الناظر المحترم في حال الصلاة. وعند الخاصّة ستر مقابح الأعمال مطلقاً بلباس التقوى خير الألبسة ووقت الحضور في المحضر المخصوص، وعند أخص الخواص ستر مقابح النفوس بلباس العفاف، وعند أهل الإيمان ستر مقابح القلوب بلباس الطمأنينة. وعند أهل المعرفة والكشف ستر مقابح السرّ بلباس الشهود. وعند أهل الولاية ستر مقابح سرّ السرّ بلباس التمكين. وإذا وصل السالك إلى هذا المقام فقد ستر جميع عوراته وصار لائقاً للمحضر وله دوام الحضور، وإن الحق تعالى جلّت رحمته ووسعت ستّاريّته ستّار جميع عورات الخلق ومقابحهم بإكرامه لنوع البشر بألبسة مختلفة لتستر المقابح الظاهرية البدنية. وستر المقابح الأعمالية بستر الملكوت ولولا هذا الستر الملكوتي على صور أعمالنا عباد الله ونتيجة لعدم الستر لو تظهر الصور الغيبية لها لافتضحنا وذللنا في هذا العالم، لكن الحق تعالى وجلّت عظمته قد سترها عن أنظار أهل العالم بستاريته وستر المقابح الأخلاقية و

[106]
ملكوت ملكاتنا الخبيثة بهذه الصورة المعتدلة المستقيمة الملكية. لو هتك هذا الستر وظهرت صور ملكات الأخلاق لكنا كلنا الآن على الصورة المناسبة لتلك الملكة الباطنية كما سنكون في غير هذا العالم وقت ظهور السرائر، ويوم بروز الملكات. وفي الحديث ((يحشر بعض الناس على صور تحسن عندها القردة والخنازير)) وفي الكافي الشريف عن أبي عبدالله عليه السلام قال ((إن المتكبرين يجعلون في صور الذرّ يتوطّاهم الناس حتى يفرغ الله من الحساب)).
وبالجملة هذه الصورة الإنسانية حجاب ألقته ستّارية الحق على عوراتنا الباطنية، كما أنه تعالى يستر مقابح القلوب والأسرار بستاريته الأفعالية والأسمائية والذاتية عن جميع الموجودات الملكية والملكوتية على حسب مراتبها. ويلزم لسالك سبيل الآخرة والمجاهد في سبيل الله أن يستر عوراته الباطنية والسرّية بالتمسك بمقام غفارية الحق وستاريّته وهو التحقق بحقيقة التوبة. ويستر نفسه بالورود في منزل الإنابة وقد شرحنا بعض مراتب التوبة في شرح الأربعين.
وصل عن مصباح الشريعة. قال الصادق عليه السلام ((أزين اللباس للمؤمنين لباس التقوى وأنعمه الإيمان قال الله عز وجل {ولباس التقوى ذلك خير} وأما اللباس للمؤمنين فنعمة من الله يستر بها عورات بني آدم، وهي كرامة أكرم الله بها عباده، ذرية

[107]
آدم عليه السلام، ما لم يكرم غيرهم وهي للمؤمنين آلة لأداء ما افترض الله عليهم. وخير لباسك ما لا يشغلك عن الله عز وجل بل يقربك من شكره وذكره وطاعته ولا يحملك فيها على العجب والرياء والتزيّن والمفاخرة والخيلاء، فإنها من آفات الدين ومورثة القسوة في القلب. فإذا لبست ثوبك فاذكر ستر الله تعالى عليك ذنوبك برحمته والبس بالصدق كما ألبست ظاهرك بثوبك، وليكن باطنك في ستر الرهبة وظاهرك في ستر الطاعة، واعتبر لفضل الله عز وجل حيث خلق أسباب اللباس لتستر العورات الظاهرة وفتح أبواب التوبة والإنابة لتستر بها عورات الباطن من الذنوب وأخلاق السوء. ولا تفضح أحداً، حيث ستر الله عليك أعظم منه. واشتغل بعيب نفسك واصفح عما لا يعنيك حاله وأمره، واحذر أن تفني عمرك لعمل غيرك ويتّجر برأس مالك غيرك وتهلك نفسك فإن نسيان الذنوب من أعظم عقوبة الله عز وجل في العاجل، وأوفر أسباب العقوبة في الآجل. وما دام العبد مشتغلاً بطاعة الله تعالى ومعرفة عيوب نفسه وترك ما يشين في دين الله فهو بمعزل عن الآفات خائض في رحمة الله عز وجل يفوز بجواهر الفوائد من الحكمة والبيان. وما دام ناسياً لذنوبه جاهلاً لعيوبه راجعاً إلى حوله وقوته فلا يفلح إذاً أبداً)). صدق ولي الله إن التفكر والتدبر في هذا الكلام الجامع يفتح أبواباً من الحكم والمعارف لأهل المعرفة

[108]
وأصحاب القلوب، ويبيّن كيفية تعامل العبيد مع الحق تعالى.
يلزم السالك إلى الله والمجاهد في طريق المعرفة ألا يغفل في حال من الأحوال وفي طور من الأطوار عن وظيفة العبودية وحفظ محضر الربوبية جلت عظمته ويعطي حظّ القلوب والأرواح حتى في الأمور العادية وآداب المعاشرة ويشاهد الحق تعالى ونعمه وعطيّاته في كل شيء، فحينما يلبس اللباس الظاهر فلا يكون غافلاً عن خير الألبسة وهو لباس التقوى والإيمان وكما أنه يستر باللباس الظاهر، العورة الظاهريّة فيستر بتلك الألبسة العورة الباطنية التي هي أقبح من الظاهرية، وتكون كرامات الحق تعالى وألطاف تلك الذات المقدسة منظورة له ويلبس لباس الظاهر لأداء وظيفة العبودية، ولباس الباطن لآداب الحضور في المحضر الربوبي. ويكون أحسن الألبسة الظاهرية والباطنية عنده ما يذكّره الحق ولا يكون موجباً للغفلة عن ذكره، فيختار في مادة اللباس الظاهر وهيئته ما لا يكون موجباً لطغيان النفس، ومورثاً للغفلة عن الحق وما لا يسلكه في زمرة أصحاب العجب والرياء والمفاخرة والتكبّر والتزيّن، ويكون ملتفتاً إلى أن للرّكون إلى الدنيا حتى في هذه الأمور تأثيرات غريبة في النفس توجب هلاكه. ويعلم أن هذه الآثار التي تحصل في النفس بواسطة بعض الألبسة الفاخرة من آفات الدين وتورث قسوة القلب التي هي من أمّهات الأمراض الباطنية، ويكون في الألبسة

[109]
الباطنية أكثر اهتماماً بألاّ يكون للشيطان والنفس الأمّارة فيها تصرف ولا تبتليه بالعجب والرياء والطغيان، ولا يفتخر على عباد الله بدينه أو تقواه وطاعته وكماله ومعرفته وعلمه، ولا يتكبّر عليهم ولا يأمن من عواقب أمره ومن مكر الله، ولا يحقّر عباد الله وإن كانوا في زيّ الأوباش وأهل المعصية فإن هذه كلها من مهلكات النفس، وموجبة للعجب بالإيمان والأخلاق والأعمال الذي هو منبع جميع المفاسد.
ويتذكر الحق ورحماته الظاهرة والباطنة عند لبسه الثوب وأنه تعالى قد ستر ذنوبه برحمته ويتعامل مع الحق تعالى بالإخلاص والصدق، ويزيّن ظاهره بستر الطاعة وباطنه بستر الخوف والرهبة، ويتذكر عنايات الحق إذ أعطاه أسباب ستر العورات الظاهرة والباطنة ليستر نفسه وعيوبه بستر الغفارية والستارية.
وكما أن الحق تعالى ستار لعيوب عباده كذلك يحب الستّارين، ويكره هتك الستور فالسالك إلى الله ستار عيوب عباد الله ولا يتلف عمره في كشف ستر الناس ويغمض عينه عن عيوب عباد الله وعوراتهم ولا يهتك ستر أحد.
كما أن الله الستار قد ستر عيوبه التي هي أكبر وأفضح عن سائر الناس ويخاف من أنه إن هتك ستر عيوب أحد فالحق تعالى يرفع حجاب ستاريته عن أعماله وأخلاقه، ويفضحه ويخذله في المجتمع. وإنّ مسافر طريق الآخرة تشغله المطالعة في عيوب نفسه

[110]
وعوراته عن عيوب غيره ولا يتجسّس في أمور لا تنفع حاله أو تضره، ولا يجعل عمله رأس مال لتجارة غيره من الناس بسبب اغتيابه الناس وهتكه سترهم، ولا يكون ناسياً لعيوبه وذنوبه فإن نسيان الذنوب من أعظم عقوبات الحق في الدنيا، فإنه يمنع الإنسان من جبرانها، وهو من أعظم أسباب العقاب في الآخرة , وما دام العبد مشغولاً بطاعة الحق والتدقيق في أحوال نفسه والمطالعة في عيوبه ومتجنّباً ما هو عار في دين الله، فهو بعيد من الآفات ومستغرق في بحر الرحمة وفائز بجواهر الحكمة، وإذا نسي ذنوبه وغفل عن عيوبه وصار مرائياً لنفسه ومعجباً بها واعتمد على حوله وقوته فهو لا يصل إلى النجاة ولا ينال الفلاح.

[111]
الفصل السادس

في إزالة النجاسة عن البدن واللباس
وتخلية الجوف من الأرجاس
والباطن من الوسواس الخناس



[113]
النجاسة هي البعد عن محضر الأنس والمهجورية عن مقام القدس، وهي تنافي الصلاة التي هي معراج وصول المؤمنين ومقرّب أرواح المتقين، والنجاسة عند العامة القذارات المعهودة. وعند الخاصة القذارات المعنوية وعند أهل المعرفة وأصحاب القلوب جميع العالم بحيثيته السوائية التي هي مظهر الشيطان الرجس النجس. وقد ورد في آداب بيت الخلوة ((بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم)). وقال تعالى {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}(المدثر5).
فجنّب نفسك ما ينافي محفل أنس المحبوب ومجلس قرب الحبيب، واجعل نفسك محجوراً عنه واهجر الرجس الظاهري بتنظيف البدن واللباس وبتخلية الجوف من أذى رجز الشيطان الذي هو فضول المدينة الفاضلة. واهجر الرجس الباطني المفسد للمدينة العظمى وأمّ القرى بالتخلية التامة والتصفية الكاملة واهجر أصل الأصول والشجرة الملعونة للخبائث بالهجرة عن الإنية والأنانية، وترك الغير والغيرية. فإذا وصلت إلى هذا المقام فقد

[114]
خرجت من تصرف الشيطان الخبيث المخبث وهجرت الرجز والرجس، وصرت لائقاً للحضور في جناب الجليل، والتخلّع بخلعة الخليل وحصل ركن من ركني الهجرة والمسافرة إلى الله، ومعراج الوصول وهو الخروج من منزل النفس وبيتها. وبقي الركن الثاني وهو يحصل في أصل الصلاة وهو الحركة إلى الله والوصول إلى باب الله والفناء بفناء الله. قال تعالى {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}(النساء/100). فعُلِم أن لهذا السفر المعنوي ومعراج القرب الحقيقي ركنين يحصل أحدهما في باب الطهارات التي سرّها التخلية وسرّ سرّها التجريد وسرّها المستسر التنزيه والسرّ المقنّع بالسر التنزيه من التنزيه والتقييد. ويحصل الركن الأعظم في باب الصلاة الذي سرّه التجلية، وسر سرّه التفريد وسره المستسر التوحيد، وسره المقنّع بالسّر التنزيه عن التوحيد والتقييد فأطفيء السراج فقد طلع الصبح.
وإذا أمهل الزمان عارفاً فإنه يقدر أن يخرج جميع منازل السائرين ومعارج العارفين من منزلة اليقظة إلى أقصى منزلة التوحيد من هذا المعجون الإلهي والحبل المتصل بين الخلق والخالق، ولكن هذا الأمل خارج عن نطاق بياننا وزائد على مجال كلامنا.

[115]
الفصل السابع

في مكان المصلي



[117]
وهو عند العامة مشهور وشرائطه في كتب الفقه مسطورة وعند أهل المعرفة جميع العالم والمصلّي جميع الموجودات وسيأتي إن شاء الله تعالى في أسرار القراءة أن جميع عالم الوجود بالهويّات الوجودية حامد لمقام الحق تعالى المقدس ومثنٍ عليه وخاضع وعابد لجنابه.
وليعلم هنا أن عرش التحقق هو قبّة معبد الموجودات وأرض التعيّن مسجُدها وجميع الموجودات في ذلك المعبد تحت قبة المحضر الربوبي مشغولة بعبادة الحق، وكلّها طالبوا الحق ومحبّوه وعابدوه، ولو كشفت باطن كل ذرة فبواسطة نور فطرة الله الذي يدعوها إلى الخضوع للكامل المطلق لترى شمساً في جوفها {يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}(الحشر24).. {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}(الإسراء44).

وعند أهل الولاية فجميع التعينات الأسمائية والأفعالية معبد الحق تعالى والمصلّي نفس ذاته المقدّسة فالمصلي في التعيّنات

[118]
الأسمائية والصفاتية هو الحق ومكان صلاته نفس التعينات والكعبة هي تعين الاسم الأعظم.
في الحديث ((لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) وفي التجلّي الفعلي بالفيض المقدس الاطلاقي فمكان المصلّي هو تعيّن العالم، والمصلّي في هذا التجلّي الفعلي هو الحق تعالى في الحديث ((إن ربك يصلي يقول سبوح قدوس ربّ الملائكة والروح)) والإنسان الكامل والنبي الخاتم صلى الله عليه وآله هو الكعبة وفي القدسيات ((لا يسعني أرضي ولا سمائي بل يسعني قلب عبدي المؤمن)) فتعيّن العالم في التجلي الظهوري والقوس النزولي معبد الحق، والحق هو العابد والمعبود وفي التجلي الغيبي والقوس الصعودي، فالمعبد هو الموجودات والعابد هو المظاهر والمعبود هو الظاهر.
وفي مملكة وجود الإنسان الذي هو خلاصة الكائنات والكون الجامع فمظاهر القوى الملكوتية والجنود الإلهية مساجد عبادتهم ومعابد خضوعهم وثنائهم وفي الإنسان الكامل على حسب ظهور الحق في المظهر الأتمّ، فالحق هو العابد والمعبود والإنسان من التعين الأقصى القلبي الغيبي إلى منتهى تعيّن الشهادة، هو المسجد الربوبي على حسب التجليات الذاتية والأسمائية والأفعالية وفي قوس

[119]
الصعود الحق هو المعبود والإنسان الكامل مع جميع الجنود الإلهية هم العابدون.
وصل عن مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام ((إذا بلغت باب المسجد فاعلم أنك قصدت باب ملك عظيم لا يطأ بساطه إلاّ المطهّرون، ولا يؤذن لمجالسته إلاّ الصدّيقون فهب القدوم إلى بساط خدمته هيبة الملك فإنك على خطر عظيم. وإن غفلت، فاعلم أنه قادر على ما يشاء من العدل والفضل معك وبك، فإن عطف عليك فبفضله ورحمته قَبِل منك يسير الطاعة وأجزل لك عليها ثواباً كثيراً. وإن طالبك باستحقاقه الصدق والإخلاص عدلاً بك حجبك وردّ طاعتك وإن كثرت. فهو فعّال لما يريد واعترف بعجزك وتقصيرك وانكسارك وفقرك بين يديه، فإنك قد توجهت للعبادة له والمؤانسة به. واعرض أسرارك عليه. ولتعلم أنه لا تخفى عليه أسرار الخلق أجمعين وعلانيتهم. وكن كأفقر عباده بين يديه، واخل قلبك عن كل شاغل يحجبك عن ربك فإنه لا يقبل إلا الأطهر والأخلص. وانظر من أي ديوان يخرج اسمك فإن ذقت من حلاوة مناجاته ولذيذ مخاطباته وشربت كأس رحمته وكراماته من حسن إقباله عليك وإجاباته، فقد صلحتَ لخدمته. فادخل فلك الأذن والأمان وإلاّ فقف وقوفَ مضطّر قد انقطع عنه الحيل وقصر عنه الأمل وقضى عليه الأجل. فإذا علم الله

[120]
من قلبك صدق الالتجاء إليه نظر إليك بعين الرأفة والرحمة واللطف ووفقك لما يحبّ ويرضى فإنه كريم يحبّ الكرامة لعباده المضطرين إليه، المحترقين على بابه لطلب مرضاته. قال تعالى {أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء})) وإنّما نقلت هذا الكلام الشريف بتمامه لأنه تعليم جامع لأرباب المجاهدة والارتياض، وبابٌ واسع لأهل المعرفة وأصحاب السلوك وإن أهل المعارف لمّا شاهدوا أن العالم مسجد الربوبية فلا بدّ أن يراقبوا القدوم عليه بالطهارة وصفاء الباطن فإن غير المطهّرين لا يقدرون أن يطؤوا البساط المقدس، ولا يؤذن لمجالسته إلاّ الصديقون المخلصون، فهم يرون أنفسهم في جميع الأحوال على خطر عظيم، ويستوحشون من الغفلة في المحضر المقدس لمالك الملوك، وقلوبهم مضطربة من هيبة الجلال المقدس بأن يعاملهم بالعدل ويطالبهم بالإخلاص والصدق، ويحجبهم عن بساط القرب ويردّهم عن مجلس الأنس فيعترفون بالعجز والتقصير ويقرّون بالفقر والفاقة، ويفرّغون قلوبهم عن الشواغل والكثرة التي تحجبهم عن محفل الأنس وتصرفهم عن التوجه إليه لأنهم يعلمون أنه لا يقبل في جنابه إلا الأطهر الأخلص. وإذا صار همّهم همّاً واحداً ولم يشغلهم تكاثر الأموال والأولاد فيجدون لذة المناجاة ويسكرون من كأس رحمة الحق وكراماته ويكونون صالحين للخدمة ولائقين للأنس فيمشون على بسيط العالم الذي

[121]
هو مسجد الربوبية بإذن الحق وأمانه، ولا تكون تصرفاتهم عن غصب ولا جور. وأمّا الذين لم يحصلوا على هذا الإذن والأمان فهم غاصبو بيت الله وظالمو الحق تعالى فلا بدّ لهم أن يستشعروا اضطرارهم وانقطاع حيلتهم ووسيلتهم وقِصر آمالهم، ويلتجئوا إلى المقام المقدس للحق جلّ شأنه من هذا التقصير والقصور والنقص والفتور، ويكون لسان حالهم وقلبهم {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}(النمل62). فإذا رأى الحق تعالى صدق لهجتهم فيجبر نقصهم برحمته ويوفقّهم لتحصيل مرضاته فإنه كريم يحبّ الكرامة لعباده المضطرين إليه.

[123]
الفصل الثامن

في إباحة المكان




[125]
وهي عند العالمة الخروج من تصرف الشيطان بعدم التعدّي للحدود الإلهية. وعند أهل المعرفة الخروج من تصرّف النفس بعدم رؤية الحول والقوّة لنفسه. وعند الأولياء الخروج من التصرف المطلق بعدم رؤية الذات والأسماء والصفات، فما دامت الأعضاء والقلب في تصرف الشيطان أو النفس فمعبد الحق والجنود الإلهية مغصوب، ولا تتحقق عبادة الحق تعالى فيه، وتقع العبادات للشيطان أو النفس، وبمقدار ما تخرج من تصرف جنود الشيطان تقع مورداً لتصرف الجنود الرحمانية حتى تقع الفتوحات الثلاثة يعني الفتح القريب وهو عندنا فتح الأقاليم السبعة بإخراج الجنود الشيطانية منها ونتيجته التجلّي بالتوحيد الأفعالي {نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ}(الصف13). والفتح المبين وهو فتح كعبة القلب بإخراج الشيطان الموسوس فيها {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}(الفتح1). والفتح المطلق وهو ترك الرسوم الخلقية وإفناء التعيّنات الشهادية والغيبيّة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}(النصر1).

[126]
وبعد هذا الفتح تكون جميع التصرفات إلهية وتحصل نتيجة قرب النوافل وتفصيلها خارج عن مجال هذه الأوراق.

[127]

الفصل التاسع

في أسرار الوقت


[129]
وهو في مسلك أهل العرفان ومشرب أصحاب الإيقان من أول استواء شمس الحقيقة في غاية ظهورها بأحدية جمع الأسماء، وهو وقت صلاة الظهر. وهي صلاة الربّ وصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في المعراج الذي هو مظهر استواء النور الأحدي والجمع الأحمدي، وهو نفسه عرش استواء الرحمن {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(طه5). ومن هنا يعلم سرّ وقوعها في المعراج مع أن المعراج قد وقع في الليل.
إلى أوّل طلوع شمس المالكيّة من أفق يوم القيامة وهو يوم إتيان اليقين{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}(الحجر99). فمن أوّل زوال استواء الظهور حيث تشرع شمس الأحدية في الاحتجاب في أفق التعينات وامتداد الأظلال {أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}(الفرقان45).، إلى أن تغرب تحت آفاق التعينات وهو وقت صلاة المقربين وأهل السابقة الحسنى. (إذا زالت الشمس دخل الوقتان) أي وقت الظهر والعصر وهما أفضل الصلوات وليست الصلاة الوسطى

[130]
خارجة عن هاتين وإن كان الأقرب في نظر الفقاهة أنّ الظهر هي الصلاة الوسطى. وفي مسلك العرفان كلتا الصلاتين بطريق الظاهرية والمظهرية والأولية والآخرية إّنما هي أربع مكان أربع. وقد عبّر في الروايات عن كلتيهما بالصلاة الوسطى. ووقت صلاة العصر وقت خطيئة آدم عليه السلام بالورود في حجاب التعينات والميل إلى شجرة الطبيعة.
وأما صلاة العشاءين في ظلمة ليل الطبيعة والاحتجاب التام لشمس الحقيقة فللخروج عن هذه الظلمة بالتوبة الصحيحة من خطيئة أبي البشر عليه السلام الغريزية بصلاة المغرب، والخروج عن ظلمات القبر والصراط والقيامة، بقايا ظلمة الطبيعة بطريق المشايعة كما في الحديث لأهل بيت العصمة والطهارة، أن المغرب وقت تاب آدم عليه السلام، فصلى ثلاث ركعات ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء وركعة لتوبته. وصلاة العشاء لأن للقبر والقيامة ظلمة ترتفع بها ويكون الصراط بها نورانياً.
وأما صلاة الفجر فمن أول بروز آثار يوم الجمع إلى طلوع شمس الحقيقة من أفق يوم القيامة، فإذا حصل الطلوع فيسقط التكليف ويطوى بساط الليل ويتضح سرّ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}(الفاتحة/4).
وببيان آخر على لسان أهل المعرفة: من أول زوال نور الحقيقة من المرتبة الاستوائية وغروبه تحت الأستار الخلقية الذي هو

[131]
مبدأ ليلة القدر إلى منتهى احتجابه بحجب التعينات وهو نصف الليل وآخر القوس النزولي ومنتهى ليلة القدر أوقات الصلوات الأربعة المختلطة من جنبتي الحقّية والخلقية اللتين هما فرض الله وفرض النبي {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}(الإسراء78). ومن ابتداء انحدار النجوم وهو وقت رجوع الشمس من حجب التعيّنات إلى الأفق الأعلى، مبدأ يوم القيامة إلى طلوع الشمس من أفق يوم القيامة وقت النوافل الليلية ما دام حكم الليل غالباً. ووقت فريضة الصبح التي هي فرض الله الصرف حين يصير حكم النهار غالباً {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}(الإسراء78). وبعد طلوع الشمس أتاك اليقين وانقطع السلوك فتمام دائرة الوجود ليلة القدر المحمدية إن عرفت قدرها ويوم القيامة الأحمدي إن قمت بالخدمة.
وصل اعلم أن مراقبة أوقات الصلوات التي هي ميقات حضور الرب وميعاد الجناب الربوبي من المهمات عند أهل المراقبة. وكان أهل المناجاة والسلوك ينتظرونه ويعدون أنفسهم وقلوبهم لدخوله ويستقبلونه في حال طهارة الظاهر والباطن، ويتجنّبون تماماً عن سائر الاشتغالات، ويقطعون قلوبهم قطعاً تاماً عن الغير ويوجهونها إلى ميعاد الحق.
فعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله أنّها قالت ((كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحدّثنا ونحدّثه فإذا حضرت الصلاة

[132]
فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه شغلاً بالله عن كل شيء)). وروي عن مولى الموحّدين علي عليه السلام ((كان إذا حضر وقت الصلاة يتململ ويتزلزل ويتلوّن فيقال له مالك يا أمير المؤمنين؟ فيقول عليه السلام جاء وقت الصلاة وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها)) وعن علي بن الحسين عليه السلام ((كان إذا حضر للوضوء اصفر لونه فيقال له ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فيقول: ما تدرون بين يدي من أقوم؟)) وفي الأحاديث أن الجلوس لانتظار الصلاة عبادة.
وبالجملة فإن الذين كانوا لا يرون عبادة الحق ومناجاة المحبوب المطلق ومكالمة ملك الملوك تكليفاً وكلفة عليهم، فإن كانوا من أهل الحب والعشق فلا يستبدلون ملك الوجود بلذة مناجاة الحق والاشتياق لملاقاة المحبوب، وكانوا يتعاشقون مع الحق وعبادته. وإن كانوا من أهل الإيمان فقد علموا أن حياة عالم الآخرة ورأس المال للوجود والعيش في تلك النشأة هو عبادة الحق والجنة الجسمانية والحور والقصور إنما هي صور أعمال الإنسان {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه }(الزلزلة7-Cool. فبعد أن آمن الإنسان بنتائج أعماله وأهمّيتها فيراقب أوقاتها لا محالة. ونحن ذكرنا سابقاً أن من أسرار العبادات أن لكل منها تأثيراً في القلب وصورة تنوّر القلب وتجعل الجهة الملكية خاضعة عند حضرة

[133]
الملكوت، وتحصل حالة الانقياد الكامل من جنود النفس الروحانية، وتكون إرادة النفس مستقلّة. وكل من هذه الأمور من المهمّات ولها في العوالم الغيبية تأثيرات، والصورة الغيبيّة لبعضها جنّة الصفات التي هي أعلى من جنة الأعمال. وهذه النتائج لا تترتب على الأعمال وخصوصاً الصلاة وهي خير الأعمال إلاّ إذا أتى الإنسان بها بالتفكّر والتدبّر وحضور القلب وإنّ من الأمور التي تعين الإنسان إعانة كاملة لتحصيل حضور القلب، المراقبة للوقت الذي هو العهد المعهود والميعاد الموعود للحق. والسالك إلى الله والمجاهد في سبيل الله إن لم يتمكن من إعطاء جميع أوقاته الحق فلا أقلّ من أن يراقب هذه الأوقات الخمسة التي أمر الحق تعالى بها ودعاه للملاقاة فيها ويقدّم الشكر إلى الحق تعالى عن روحه وقلبه حيث أجاز له الورود في المناجاة، وأذن له بالخدمة في مجلس الأنس ومحفل القدس فلا يغفل عنها ولا يتخلّف عن وعد الحق فلعلّ المواظبة على الأوقات والمراقبة لميعاد الملاقاة التي تكون في أول الأمر صوريّة وبل لب تصير بتوفيق الحق ومساعدة تلك الذات المقدسة جل شأنه حقيقية وصاحبة لبّ، فينال حينئذ لذّة المناجاة والأنس مع المحبوب ويجد السر الحقيقي للعبادة، وتفتح أبواب عبادة الروح والقلب له ويرى بالتدريج الجنود الإلهية في مملكة وجوده قائمة للعبادة وينكشف لقلبه نموذج من سبحات الجلال والجمال، وينال

[134]
أول جلوة للتوحيد الأفعالي فيفتح له بعد ذلك سبيل السلوك إلى الله ويصير لائقاً للورود في الصلاة الحقيقية بإذن الله تعالى.

[135]

الفصل العاشر
في سر استقبال الكعبة

[137]
وهي أم القرى ومركز بسط الأرض {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}(النازعات30). ويد الله وبحيال الله وبحيال البيت المعمور الذي هو سرّ القلب وفي السماء الرابعة. فالكعبة أمّ القرى سرّها البيت المعمور وهو سرّ القلب وسرّ سرها يد الله وسرّها المستتر اسم الله الأعظم، فأهل المعرفة وأصحاب القلوب يسرون حكم التوحيد من السرّ إلى العلن، ومن الباطن إلى الظاهر كما أنهم في سرّ قلوبهم يفنون الجهات المتشتّتة في الوحدة ويجدون سرّ {كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ}(النور35). وفي الظاهر يفنون الجهات المتشتتة الشرقية والغربية في أم القرى التي لها مرتبة الوسطية ولا شرقية ولا غربية. ويجدون سرّ حيال الله وحيال البيت المعمور وفي صلاة الأولياء التوجه إلى القبلة ظهور سرّ الأحدية في ملك البدن، لأنهم يشهدون بالسرّ الوجودي الوجهة الأحدية الغيبية ويتوجهون إليها ويشهدون سرّ {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}(هود/56). ويجدون سر {لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ}(النور35). ويتوجهون بالمرتبة اللطيفة الأجوفية إلى

[138]
أحدية جمع الأسماء الذاتية التي ليس لها غربية غيب الذات ولا شرقية ظهور كثرة الأسماء والصفات، ويتوجهون بمقام سر الروح إلى حضرة جمع الواحدية التي هي مقام اسم الله الأعظم وليس شرقي الظهور وغربي البطون. ويتوجهون بمقام القلب إلى سرّ البيت المعمور الذي هو مقام التجلّي الفعلي لاسم الله الأعظم ويجدون سرّ لا شرقية ولا غربية، ويتوجهون بالتوجّه الظاهري إلى عين الكعبة الخارجة من شرق المعمورة وغربها ويشاهدون الحق في جميع المرائي بأحدية الجمع.
واعلم أن التحديد بالوجه الخاص وبالوجهة المعينة لإظهار سر الوحدة، ويلزم هذا التحديد للعارف في كل دورة بعدد الحضرات الخمس وإذا تجاوز عن ذلك فالتحديد نقص {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}(البقرة/115). فالعارف بالله يشاهد الحق في جميع الأمكنة والأحياز، ويرى الكلّ كعبة الآمال ووجهة جمال المحبوب وخارجاً عن التقييد بمرآة دون مرآة ويقول ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله فيه ومعه وينادي (داخل في الأشياء لا كدخول شيء في شيء) ويسمع روحه نداء {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}(الحديد4). ويشهد ذلك والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

[139]

المقالة الثانية

في مقارنات الصلاة ومناسباتها

وفيها اثنا عشر فصلاً


[141]
الفصل الأول

في الأذان والإقامة


[143]
الأذان عند أهل المعرفة إعلام لقوى الملك والملكوت في الإنسان الكبير والصغير للتهيؤ للحضور في جناب الحق تعالى.
والإقامة إحضارها وإقامتها في محضر القدس الكبريائي جل وعلا، فبالتكبيرات الأولية يعلن عجز الموجودات عن القيام بالثناء على الحق تعالى ويعلم قصورها عن لياقة الحضور لتستعد للتنبّه إلى تذللها وخضوعها وخشيتها وخوفها وخشوعها لعلّها تقع مورداً للتّوجه.
وبنفي الألوهية الذاتية. ونفي الألوهية الفعلية عن الغير وقصرها على الذات المقدسة ينفي استحقاق المحامد والثناءات عن الغير ويقصرها على الحق. وبالشهادة برسالة النبي الخاتم في الغيب والشهادة يتوسل إلى المقام المقدس للشفيع المطلق ليُنهي هذا السلوك الإلهي بمصاحبة تلك الذات المقدسة التي هي مقام الولاية المطلقة، ويرتقي إلى معراج الوصول. كان شيخنا العارف الكامل روحي فداه يقول: الشهادة بولاية ولي الله مضمّنة بالشهادة

[144]
بالرسالة لأن الولاية باطن الرسالة فالمقام المقدس الولوي أيضاً مصاحب هذا السلوك. وفي الحديث ((بعلي قامت الصلاة)) وفي الحديث ((أنا صلاة المؤمنين وصيامهم)) فالسالك إلى الله إذا أعلن قصر الثناء والمحمدة على ذات الحق تعالى واختار الرفيق والمصاحب كما قيل: الرفيق ثم الطريق، يعلن التهيؤ للصلاة بقوله ((حيّ على الصلاة)) ويقرؤه على القوى الملكيّة والملكوتيّة، ثم يعلن سرّ الصلاة إجمالاً بقوله ((حيّ على الفلاح)) و ((حيّ على خير العمل)) ويخبر الإنسان وجنوده الملكية والملكوتية فطرة حبّ الحرية والكمال الطبيعي فإن كلتيهما من الفطر الإلهية التي فُطر جميع البشر عليها. وبعد إيقاظ الفطرة وتهيئة القوى يكرّر التكبير والتهليل حتى يتمكن الاعتراف بالعجز والقصور في القلب ويظهر سر الأولية والآخرية.
وفي الإقامة يصفّف الصفوف ويجيّش الجيوش الملكية والملكوتية وبتكرار فصولها يوثّق الحقائق السابقة، ويُحكم الاستشفاع والتوسل وينبّه الفطرة. ثانياً: فإذا وصل العبد إلى هنا فيعلن الحضور فقد قامت الصلاة. ثم إن السالك إلى الله والمجاهد في الله يجعل القلب وهو من خيار الجنود الإلهية في هذه المملكة إماماً ويجمع سائر القوى المتشتتة في الجهات المختلفة ويجعلها مأمومة، ويجمع الجنود المتفرّقة في الأقاليم الظاهرة والباطنة التي

[145]
فتحت بيد القلب وتجتمع حولها الملائكة القاطنين في الملكوت أيضاً ويقتدون به، فإذا رأى السالك نفسه مقتدي بالجنود الإلهية من الملائكة وقواه الملكوتية ورأى نفسه متقدّماً في هذا السلوك الإلهي والحضور في المحضر الربوبي فلا بد له أن يحافظ على صلاته ويراقبها ولا يغفل عنها ولا يسهو فيها، كي لا يبقى وزر المأمومين على عهدته. فالمؤمن وحده جماعة وإذا حافظ على هذه الجماعة فيزيد فضل صلاته بعدد كل من المأمومين ولعلّه ينكشف له بتوفيق الله بعض أسرار {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة/5). حيث ذكر بصيغة الجمع وإذا لم يراقب ولم يحافظ فيكون كاذباً في هذه الأقوال والأفعال الصلاتية ويدخل في زمرة المنافقين. وبالإضافة إلى أنه ضيّع صلاته يكون قد ضيّع صلاة ملائكة الله لأن الإمام ضامن لقراءة المأموم بل هو حامل وزر سائر الأجزاء والشرائط أيضاً. والطريق الأسلم والأقرب إلى النجاة أن يسلّم المصلي نفسه في جميع الأقوال والأفعال إلى روحانية رسول الله أو مقام تصدّي الولاية أو إمام العصر سلام الله عليه، ويثني على الحق بلسانهم ويتمسك في الأفعال أيضاً بأفعالهم، ويأتم وهو إمام الملائكة والجنود الإلهية بمقام الرسالة والولاية ويكون مأموماً لهما، فيكون طيّ هذا السلوك الروحاني والعروج إلى المعراج الإلهي بالتبعية المحضة والتسليم الصرف لهما، كما أنه كان بهدايتهما فإن علياً الصراط المستقيم وصلاة

[146]
المؤمنين وهو خفر طريق السلوك (طيّ أين مرحلة بي همر هي خضر مكن)
وصل: عن العلل بإسناده عن أبي عبدالله في حديث طويل يصف صلاة المعراج قال (أنزل الله العزيز الجبار عليه محملاً من نور فيه أربعون نوعاً من أنواع النور كانت محدقة حول عرشه تبارك وتعالى تغشي أبصار الناظرين أمّا واحد منها فأصفر فمن أجل ذلك اصفرت الصفرة، وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة إلى أن قال فجلس فيه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء ثم خرّت سجّداً فقال: سبّوح قدّوس ربنا ورب الملائكة والروح ما أشبه هذا النور بنور ربّنا فقال جبريل الله أكبر الله أكبر فسكتت الملائكة وفتحت السماء واجتمعت الملائكة ثم جاءت وسلمت على النبي أفواجاً ثم قالت يا محمد كيف أخوك قال بخير قالت فإن أدركته فاقرئه منا السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتعرفونه؟ فقالوا كيف لا نعرفه وقد أخذ الله عزّ وجل ميثاقك وميثاقه منّا وإنا لنصلّي عليك وعليه ثم زاد أربعين نوعاً من أنواع النور لا يشبه شيء منه ذلك النور الأول وزاده في محمله حلقاً وسلاسل ثم عرج به إلى السماء الثانية فلمّا قرب من باب السماء تنافرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرّت سجّداً



[147]
وقالت سبوح قدوس رب الملائكة والروح ما أشبه هذا النور بنور ربنا فقال جبريل أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله فاجتمعت الملائكة وفتحت أبواب السماء وقالت يا جبريل من هذا معك؟ فقال: هذا محمد قالوا وقد بعث؟ قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجوا إليّ شبه المعانيق فسلّموا عليّ وقالوا: اقرأ أخاك السلام فقلت هل تعرفونه؟ قالوا نعم وكيف لا نعرفه وقد أخذ الله ميثاقك وميثاقه وميثاق شيعته إلى يوم القيامة علينا ... قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((ثم زادني ربي عز وجل أربعين نوعاً من أنواع النور الأول وزادني حلقاً وسلاسل ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرّت وقالت سبوح قدوس رب الملائكة والروح ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا؟ فقال جبريل أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله فاجتمعت الملائكة وفتحت أبواب السماء وقالت مرحباً بالأول ومرحباً بالآخر ومرحباً بالحاشر ومرحباً بالناشر .... ثم زادني ربي عز وجل أربعين نوعا من أنواع النور لا تشبه شيئاً من تلك الأنوار الأولى وزادني حلقاً وسلاسل ثم عرج بي إلى السماء الرابعة فلم تقل الملائكة شيئاً وسمعت دوياً كأنه في الصدور واجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء وخرجت إليّ معانيق فقال جبريل عليه السلام حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح

[148]
حي على الفلاح)) الحديث. وفي هذا الحديث الشريف أسرار وحقائق تقصر عن الوصول إليها أيدي آمالنا وما ندركه بفهمنا القاصر إن ذكرناه يطول به الحديث ويخرج عن طاقة هذه الأوراق والمقصود من ذكر بعضه الاستشهاد بأن الملائكة تجتمع بذكر الإقامة.
وفي صحيحة محمد بن مسلم قال قال لي أبو عبد الله (ع) إذا أذّنت وأقمت صلّى خلفك صفّان من الملائكة وإن أقمت بغير أذان صلّى خلفك صف واحد وقد حدّد الصفّان في بعض الروايات بأن أقلّهما ما بين المشرق والمغرب وأكثرهما بين السماء والأرض وهذا الاختلاف على حسب اختلاف المقامات ومراتب المصلين وصلاتهم.

[149]
الفصل الثاني

في أسرار القيام

[151]
وهو عند الخاصة إقامة الصلب في الحضرة المقدسة للحق وتشمير الذيل لإطاعة الأمر والخروج من التدثار والقيام بالإنذار {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}(المدثر4). والاستقامة في الأخلاق والعدل في الملكات وعدم الميل إلى الإفراط والتفريط كما في حديث رزام مولى خالد بن عبد الله الذي مرّ سابقاً عن الصادق عليه السلام في باب حقيقة الصلاة قال (وهو واقف بين اليأس والطمع والصبر والجزع كأن الوعد له صُنِع والوعيد به وقع). ومن أعلى مراتب الإيمان الوقوف بين يدي الله على نحو لا يغلب الخوف على الرجاء ولا الرجاء على الخوف ولا يصل الصبر إلى مقام التجلّد فإنه في مذهب الأحبّة من أشدّ المنكرات.
ويحسن إظهار التجلّد للعدا ويقبح إلاّ العجز عند الأحبة
ولا يكون الجزع إلى حدّ الإفراط المنافي للرضا ويكون الاطمئنان على نحو يرى معه يوم الجزاء والوعد والوعيد قائماً. وعند أهل السلوك الاستقامة في مقام الإنسانية والخروج عن تفريط التهوّد

[152]
وإفراط التنصّر {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا}(آل عمران/67). وفي الحديث الشريف إن رسول الله صلى الله عليه وآله رسم خطاً مستقيماً ورسم خطوطاً حوله وقال هذا الخط المستقيم طريقي وقالوا إنه (ص) قال: (شيبتني سورة هود لمكان هذه الآية) إشارة إلى قوله تعالى {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ}(هود/112). وكان الشيخ العارف الكامل شاه آبادي روحي فداه يقول: هذا الكلام منه (ص) لأن الله تعالى قد طلب استقامة الأمة أيضاً منه (ص) ولهذا لم يقل صلى الله عليه وآله هذا الكلام بالنسبة إلى سورة الشورى مع أن هذه الآية موجودة فيها أيضاً لأنها ليست مذيلة بهذا الذيل.وبالجملة إن الاستقامة وعدم الخروج من الوسطية في جميع المقامات من أشدّ الأمور على السالك ولا بدّ له في حال القيام بين يدي الله من الخجلة وأن يكون ناكساً رأسه لعدم القيام بالأمر كما ينبغي ويلزم أن ينظر إلى محل السجدة وهو تراب المذلّة ويتذكر مقام تذلّـله وقصوره وتقصيره، ويرى نفسه في المحضر المقدس لملك الملوك الذي جميع ذرات الكائنات تحت حيطة سلطنته وقهره وق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://morth.forumarabia.com
 
لسرالصلاة العارفين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سر الصلاة أو صلاة العارفين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991 :: البرنامج العبادي الأول لمرحلة طالبين السلوك الى الله المرحلة الاولى القدسية-
انتقل الى: