السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991

السيد الرضوي الموسوي الروحاني للعلاج الروحاني العالم الروحاني للكشف الروحاني هاتف 07806835991
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
السيد المقدس مرتضى الموسوي الروحاني المعالج الروحاني لجلب الحبيب من العراق الاتصال07806835991 ومن خارج العراق 009647806835991
السيدمرتضى الموسوي الروحاني المعالج بالقران وسنة رسوله الكريم العالم الروحاني الذي تميز عن غيره بالصدق والمنطق والعمل الصحيح المعالج الروحاني على مستوى العالم العربي والغربي العالم بالعلوم الفوق الطبيعه السيد الاجل الذي دل صدقه وكلامه على العالم بفضل الله ومنه ورحمته علينا وعليه المعالج الباب الاول لكل ما يطلب منه تجده بأذن الله ومشئيته سبحانه بين يديك ببركة الاولياء والانبياء واسرارهم
العالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي للكشف الروحاني عن كل ما يطلب منه بأذن الله ولعلاج الحالات المرضيه الروحيه والنفسيه وفك السحر وابطاله وفتح النصيب واعمال المحبة كله من كتاب الله الكريم واسراررب العالمين تجده في الموقع الرضوي العالم الروحاني للكشف وللعلاج ولاي مقصد اتصل على الرقم اذا كنت من خارج العراق009647806835991 أومن داخل العراق07806835991 او راسلنا على الاميل الالكتروني morthadh86@yahoo.com العالم الروحاني الذي شاع صيته في البلدان بصدقه ونورعمله وعلوا مرتبته العالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي العالم الروحاني المتواضع في العمل وتزكيته معكم الموقع الشخصي للعالم الروحاني السيد الرضوي الموسوي والله يشهد انه لمن الصادقين https://morth.forumarabia.com

 

 الطهارة البدن والنفس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الله السائر الى الله
المديرالعام للمنتدى



عدد المساهمات : 1869
تاريخ التسجيل : 25/02/2012

الطهارة البدن والنفس Empty
مُساهمةموضوع: الطهارة البدن والنفس   الطهارة البدن والنفس Icon_minitimeالأحد يوليو 22, 2012 9:31 pm

الطهارة

القذارة معنوية وظاهرية، وكلتاهما نقص يشين الشخص ويسقطه عن الكمال، فيهبط في مستوى الدناءة والخسة، وإن كانت القذارة المعنوية أهبط جهة وأخس درجة. والقذارة هي هي، سواء لوثت الباطن أو الظاهر. والفارق: أن الظاهرة منها تنكشف للعين بأول نظرة حيث ملامحها أبين فيمجها النظر، ويزدري صاحبها النفس، فيكون الاجتناب عنها أسرع، والباطنة لا تنكشف إلا عند التجربة حيث تجلو خفايا النفس وتظهر تعاريج الضمير.

والإسلام يحرص الحرص كله لتطهير المجتمع من رواسب القذارة، فيرشد إلى مواضع الطهارة، ويؤكد على ضرورة النقاء، ويلزم التنظيف المستمر للقلب والجوارح والأعضاء على حد سواء، وحيث إن الإنسان بطبعه لا يعتني بما يصيب جسده من النجاسة، ولا بما ينشب في قلبه من الرذائل، نرى توالي الإرشادات في القرآن والسنة إلى لزوم النظافة، وما الرصيد الضخم من الأحاديث الواردة بشأن الفضيلة، والتحبيب إليها، والرذيلة والتنفير منها إلا لما ذكرنا.

والمسلمون حيث كانوا في موضع أحكام الشريعة، ملتزمين بها، ومستنين لمناهجها، كانت أخلاقهم ألطف، ومشاعرهم أطهر، حتى إذا تخلوا عن قرآنهم وحديثهم، إذا هم يرتكسون في بؤرة القذارة، ويرتطمون في أوحال الدناءة..

المسلم طاهر العين من الخيانة، فلا يمد عينه إلى حرمة من حرمات الله، ولا يتمنى ما ليس له من أعراض أناس، وأموال آخرين. وقد نهى الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم‍‍‍) عن ذلك، تنبيهاً للأمة، وإرشاداً لما فيه صلاح القلب: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا)(1).

إن الله حسب حكمته العادلة يُمتع أصنافاً من الناس بمتع، اختباراً لهم ولأمثالهم الذين حرموها، أو جزاءً على سالف عمل عملوها ابتغاء مرضات الله، وليس ما يُمتع به هؤلاء إلا كزهور الربيع، لا تلبث إلا ولفحات الصيف تذويه، فتذهب زينتها، وتهشم سوقها، فتمسي هشيماً تذروه الرياح.

فمن يمد العين إليها ليس إلا متمنياً ما ليس له، وراغباً فيما لم تر الحكمة العليا صلاحه فيه، وربما كان نظره مجلبة لحسرة محزنة أو مفسدة لقلب سليم.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (النظر سهم من سهام إبليس مسموم وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة)(2). إن السهم يؤثر في الجسم فيفسد الأعضاء، والنظر المسموم يؤثر في الروح فيفسد القلب، والسم في النظر ربما كان أفتك من السم في العقار. إذ المفاسد التي تترتب على الثاني أقل من المفسدة التي تنطوي عليها النظرات الطائشة.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة)(3) وأي فتنة أعظم من ثمار هذا الزرع الخبيث الذي يعجز الأطباء عن قلع جذوره فلا يزال ينمو وينمو، حتى يؤتى آكله المر البشع.

وليس من المبالغة ـ إذن ـ ما يقوله الإمام الباقر والإمام الصادق (عليه السلام): (ما من أحد إلا وهو يصيب حظاً من الزنا: فزنا العينين النظر! وزنا الفم القبلة! وزنا اليدين اللمس! صدق الفرج ذلك أم كذب)(4) إن النظر شهوة محرمة، والزنا شهوة محرمة. فلا استبعاد في تشبيه الأول بالثاني وإن اختلفت المراتب، وتباعدت المقادير، ان حنظلة واحدة تشبه الحنظل الكثير في المرارة والعفوصة، وان تفاوتت الكمية.

وأي غاية لمن ينظر إلى ما ليس له؟ انه يجر إلى قلبه الاضطراب، وإلى أعصابه الهيجان، فهو كمن يأكل ما يمرضه، لمجرد مذاق حلو، أو شهوة لسان، ولو صبر قليلاً، وكبح جماح نفسه، لوجد حلاوة الطهارة، وأمن من المفسدة الموبقة ولهذا قال أبو عبد الله (عليه السلام): (النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها لله عز وجل لا لغيره، أعقبه الله أمناً وإيماناً يجد طعمه)(5).

وكم في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لله.. لا لغيره) من حكمة؟! إن من يترك النظر لأمر يرجوه، أو غاية يخافها ـ غير الله ـ لا يلبث أن تحدثه نفسه بأضعاف ما كانت تهدي إليه عينه من الوسواس، ثم هو إن نجى من المزلقة هذه المرة لملابسات وظروف، لا ينجو منها مرة أخرى، فهو معرض للخطر، ومظنة للإثم، وموضع هيجان وفساد.

يقول الإمام الرضا (عليه السلام): (وحرم النظر إلى شعور النساء المحجوبات بالأزواج، وإلى غيرهن من النساء، لما فيه من تهييج الرجال، وما يدعو إليه التهييج من الفساد، والدخول فيما لا يحل ولا يحمل، وكذلك ما أشبه الشعور...)(6).

إن النظر وإن بدا ـ بادئ الأمر ـ تافهاً لا قيمة له في فساد أو إفساد، إلا أنه بداية الانزلاق، ولا يلبث أن تنجم عنه عواقب، وتترتب عليه هنات.. ولو عبر عنه برسول البشر، لكان بموضع من الصدق.

(نظرة، فابتسامة، فسلام... فكلام، فموعد، فلقاء!!)..

وقد كان من أدب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) التدرج في بيان الفضائل، عندما تتلاءم الظروف، فتنكشف سوءة الرذيلة، حتى يكون الإرشاد بلسماً للجرح الذي حس به المجتمع، فيقع موضع القبول والتسليم، ولذا كانت عظاته منجمة، وتوجيهاته موزعة لظروف وأحوال..

قال الإمام الباقر (عليه السلام): (استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة ـ وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن ـ فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر إليها، ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان، فجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظم في الحائط وزجاجة، فشق وجهه، فلما مضت المرأة، نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره. فقال: والله لآتين رسول الله ولأخبرنه قال: فأتاه فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ما هذا؟ فأخبره، فهبط جبرائيل بهذه الآية: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون)(7).

وهذا الترتيب بين غض البصر، وحفظ الفرج، ثم بيان الزكاة التي هي الطهارة، عقب هذين الأمرين، تتبيّن حكمته الرائقة سبحانه، فإن النظرة الخاطئة هي التي تثير بوادر الزنا، فتفقد الطهارة والشرافة في مصارع النزاهة.

وكم يرينا التاريخ مآسي خيانة العين، وليس مصادفة أن ينص القرآن على علم الله تعالى بحركة العين الطائشة (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)(Cool انه يعلم ذلك وسوف يحاسب الشخص على كل لمحة بصر، وكل وسوسة صدر.

وأسوأ من النظر المحرم الذي يمتد إلى عرض محظور، وفي عرض الطريق وما إليه.. النظر إلى حرام في دار ممنوع، من فوق السطح أو شق الباب أو كوة البيت.. فهو خيانة ودناءة، يأباهما من شرفت نفسه، وطهرت طبيعته!

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من اطَّلع في بيت جاره، فنظر إلى عورة رجل أو شعر امرأة، أو شيء من جسدها، كان حقاً على الله أن يدخله النار، مع المنافقين الذين كانوا يتبعون عورات النساء في الدنيا، ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ويبدي للناس عورته في الآخرة. ومن ملأ عينيه من امرأة حراماً. حشاهما الله يوم القيامة بمسامير من نار، وحشاهما ناراً حتى يقضي بين الناس، ثم يؤمر به إلى النار)(9).

إن النظر إلى عرض محظور، أو إلى عورة محرمة، أو التطلع في بيت محجور، أو مد العين إلى زهرة الحياة.. كلها جنايات نفسية، تكشف عن خفة الحجى، ودناءة الذات.

والمسلم طاهر نزيه شريف، وهكذا يأمره الإسلام، ويرتضيه رسول الكرامة والشرف.

والمسلم نزيه اللسان حيث لا يلمز، ولا يهمز، ولا يشتم، ولا يهذر، ولا يستغيب، ولا ينم، ولا، ولا، واللسان كثير الجريمة، إن لم تصده النزاهة، ولم يزمه الرجل بزمام من الصمت، ربما أودى بصاحبه، وأورده موارد الهلكة، والمكثار يغلب عليه العطب، ويثقل على الناس مجلسه، فإنه يسيء حيث يظن أنه يحسن.

والصمت دليل القلب، ومرآة العقل، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا تم العقل نقص الكلام)(10).

والقاذورات مهما كانت منتنة، وكان تنفر الإنسان منها أكثر، لا تبلغ عشر معشار ما يبلغه اللسان القذر، إن القذارة إنما تولد جراثيم تسبب الأمراض البدنية وأخيراً تؤدي على هلاك رجل أو رجال.

واللسان ربما يجمح، فيولد الجراثيم الروحية التي هي أفتك من جراثيم المرض وأفتك، ولطالما ما أهلك أجيالاً وأجيالاً.

وأقل ما يناله المكثار أنه يُعرَف في المجتمع بالثرثرة والهذر. كما أن أصغر حظ الصموت الهيبة في القلوب، وظن الناس فيه كل خير. قال الإمام الرضا (عليه السلام): (من علامات الفقيه: الحلم والعلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة وإنه دليل على كل خير)(11).

وما أكثر ما يندم المتكلم! وأقل ما يندم الصامت! إن الكلام إذا أرخي زمامه احتقب الرطب واليابس، وتوجه إلى الصلاح والفساد، وذهب مسالك الحق والباطل، أما الساكت، فإنه وإن لم يتكلم بالحق، لكنه لم يتكلم بالباطل وإنه وإن لم يصلح، لكنه لم يفسد، وكفى بذلك نفعاً.

قال الإمام الباقر (عليه السلام): (إن داود قال لسليمان: يا بني! إياك وكثرة الضحك! فإن كثرة الضحك تترك العبد حقيراً يوم القيامة. يا بني! عليك بطول الصمت! إلا من خير. فإن الندامة على طول الصمت مرة واحدة، خير من الندامة على كثرة الكلام مرات. يا بني! لو أن الكلام كان من فضة كان ينبغي للصمت أن يكون من ذهب)(12).

وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتعاهد أصحابه من جهة الكلام كما كان يتعاهدهم من ناحية الصلاة والزكاة، فيلمح في كل مناسبة إلى أضرار اللسان، ويشير كل حين إلى ما للثرثرة من عواقب وخيمة.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (أتى النبي أعرابي. فقال له: ألست خيرنا أباً وأماً، وأكرمنا عقباً، ورئيسنا في الجاهلية والإسلام؟ فغضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)! وقال: يا أعرابي كم دون لسانك من حجاب؟! قال: اثنان شفتان وأسنان. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): فما كان في أحد هذين ما يردّ عنا غرب لسانك هذا؟! أما أنه لم يعط أحد في دنياه شيئاً هو أضر له في آخرته، من طلاقة لسانه. يا علي! قم! فاقطع لسانه فظن الناس أنه يقطع لسانه، فأعطاه دراهم)(13)، إن على الرجل المسلم ان يتعاهد لسانه، كما يتعاهد الزارع زرعه. وإلا نبت من الطفيليات والأعشاب الضارة، ما يهلك الحاصل، وتذهب أتعابه أدراج الرياح.

ومن راقب يوماً واحداً ندوة من الأندية، ولاحظ كلام الناس وهذرهم. عرف الجنايات التي يحتقبها اللسان، وفهم صدق قول الإمام الصادق (عليه السلام): (ما عبد الله بشيء أفضل من الصمت، والمشي إلى بيته)(14)، إن الصمت تهذيب فردي، والذهاب إلى بيت الله الحرام تهذيب مجتمعي، لما في ذلك من اجتماع المسلمين، وتعرف بعضهم إلى بعض، وما يعود إليهم بذلك من خير. فهما من أفضل العبادة.

وربما جرح اللسان أحداً بما يسبب دوام القبح، وفساد القلوب:

جــــراحات السنان لها التيــــــام ولا يلتــام مــــــا جـــــرح اللسان

قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، لسفيان: (يا سفيان! أمرني والدي (عليه السلام) بثلاث، ونهاني عن ثلاث، فكان فيما قال لي: يا بني، من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ومن لا يملك لسانه يندم، ثم أنشدني:

عــــــود لسانك قول الخيـــر تحظ به إن اللسان لمـــــا عـــودت مـــــعتاد

مـــوكل يتقاضـــى مـــــــــا سننت له في الخير والشر فانظر كيـف تعتاد(15)

يقال: إن لصاً دخل بيت حائك، فإذا الحائك يحوك بزة قشيبة، وسمعه يكرر ـ وهو يحوك ـ قولة: (اللهم سلم رأسي من حصيد لساني) ولما أتم الحياكة، أخذ البزة وخرج يقصد بيت الملك، فاتبعه السارق، عله ينتهز الفرصة كي يسرق، حتى وصل الحائك بيت السلطان، وقدم البزة، فأُعجب الملك بها، واستشار وزراءه عما تصلح له، فأشار كل بما يرتئيه، وحين ذاك قال الملك: إن أعلم الناس بصلاح استخدامها هو الحائك، ولما سأله عن ذلك، قال: إنها تصلح لإلقائها على جنازة الملك.

فتغير الملك، واستشاط غيضاً، وأمر بقتل الحائك، وإذا بالسارق يستمهل الجلاد، ويبين قصته، وما كان يتكلم به حين الحياكة، فعفا عنه الملك بعد ما علم أنه لم يقل ذلك عن عمد.

وما أروع المثال الذي ضربه الإمام زين العابدين (عليه السلام)، حيث قال: (إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم على جوارحه، فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا!! ويناشدونه ويقولون: إنا نثاب بك ونعاقب بك)(16).

إن كثيراً من العقوبات تحل علــى الأعضاء بما جناه اللسان من شر فإذا تركها اللسان كانت سليمة، وإلا وقعت في أذى وخبال.

وأي داعٍ إلى الهذر بعد ما يضر كثير من الكلام؟ وهل العاقل يجر إلى نفسه الويلات بمشتهى لفظ يلفظه، وكلمة يتكلم بها؟ وهنالك حفظة يحفظون حصائد الألسنة ليجزى الشخص بها في العرض الأكبر يقول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)(17).

وقد استخلص الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) من الآية الكريمة معنىً بديعاً:

قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): (مرَّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب برجل يتكلم بفضول الكلام، فوقف عليه، ثم قال: يا هذا! إنك تملي على حافظيك كتاباً إلى ربك! فتكلم بما يعنيك، ودع ما لا يعنيك)(18).

يا للهول! كتاب إلى الرب! لو كان الكتاب إلى ملك من الملوك، لتروّى الإنسان في تنميق الألفاظ، وتخيّر المعاني، وتجبير الوجوه. كيف والكتاب إلى إله الكون ومن بيده المبدأ والمعاد؟! ودع عنك حديث ان الكاتب ملك كريم يصيبه من الكلمات البذيئة والأقوال الفارغة ما يصيبه! ولا يسبق إلى الذهن الساذج، أن القصد ذم الكلام كيف كان.

إن كل شيء يرجح الوسط منه، لا إكثار ولا إقلال، ولا تفريط ولا إفراط. إن الحق يلزم الجهر به، والإرشاد يجب سوقه، والتربية والتأديب، والتعليم والهداية، كلها مندوب إليها. والغالب أنها تفرغ في الصيغ والألفاظ. فالكلام ههنا مرغوب فيه. وفي المثل: (الساكت عن الحق شيطان أخرس).

(سُئل علي بن الحسين (عليه السلام): عن الكلام والسكوت، أيهما أفضل؟ فقال: لكل واحد منهما آفات. فإذا سلما من الآفات، فالكلام أفضل من السكوت. قيل: كيف ذلك يا ابن رسول الله؟ قال: لأن الله عز وجل ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكــوت، إنما بعــثهـــم بالكلام، ولا اســـتحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت، ولا توقيت النار بالسكوت..)(19).

إن الأنبياء الكرام والمصلحين العظام أرشدوا وهدوا وأصلحوا ووجهوا بالكلام، ومن الغلط أن نظن الكلام في الإصلاح والحق هذراً، كما أن من الخبال ظن الحق باطلاً. إن طهارة اللسان لا يراد بها الإلجام، بل نزاهته عن اللغو والباطل، لا عن الإرشاد والذكر. فالمسلم نزيه اللسان، طاهر الفم، نظيف اللهات.

والمسلم طاهر الملمس، لا يسرق، ولا يخون، ولا يتبع الشهوات الجنسية من غير حلّها..

إن الاعتدال في حركات اليد والرجل.. دليل الاعتدال في النفس، فالنفس الأبية لا تهبط في مستوى الخسة والانحطاط، وتحلق في أجواء الطهارة والعفة.

الجهالة الأولى مع ما كانت عليه من وضاعة الأخلاق، وانــحراف السلوك، كانت تعد نزاهة اليد والرجل فضيلة يحمد صاحبها، وإن كان المجتمع ـ الذي منهم الحامد ـ مرتكساً في بؤرة القذارة والانحطاط، وحين جاء وقت المفاضلة بين جد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجد عزيمه، قال فيهما شاعرهم:

(أبوك معاهر، وأبوه عف..)

وكانت العرب تُسمي محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم): (الأمين)..

إن السرقة جريمة، والخيانة جريمة، والزنا.. جريمة، تترفع عنها نفوس الأكرمين، وهكذا يأمر الإسلام باجتنابها.

وقد كان شرط إسلام المؤمنات ـ الذي كان يبتدء بالبيعة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ العفة والنزاهة، يقول الله تعالى: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم)(20).

وليس صدفة عابرة أن يقدم الله تعالى اشتراط عدم السرقة والزنا، على اشتراط عدم القتل، ان القاتل قد يقتل لهيجان الأعصاب، ثم يندم، ولكن السارق والزاني لا يفعلان الجريمة إلا ونفسهما ملوثة، وضميرهما آثم أحاط به كدر القذارة!!

قال الصادق (عليه السلام): (كان أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام يقول: أفضل العبادة العفاف)(21). وقال الباقر (عليه السلام): (ما عُبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج)(22).

إن الإسلام لا يمنع عن الطيب من الأكل ولا عن الشهوة المحلّلة، بل يحرص الحرص كله على إشباع هاتين الغريزتين من الموارد الطيبة المشروعة، حتى لا تتسول البطن، ويتلهف الفرج نحو المحرم القذر.

إن عفة البطن والفرج حقاً من أفضل العبادة، وأي عبادة أفضل من التحصن عن المفاسد الأخلاقية التي ينهار المجتمع بها. فالزنا يسبب الأمراض الفتاكة، ومراودة الولدان، واقتناع الفتيات بالفتيات أفتك من الطاعون!!

قال الصادق (عليه السلام): (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أكثر ما تلج به أمتي النار الأجوفان: البطن والفرج)(23). وقال (عليه السلام): (قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاث أخافهن ـ بعدي ـ على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج)(24).

ولو نظر الإنسان إلى المجتمع المتخلخل المنهار، لرأى السمة البارزة عليه هاتين الشهوتين.

ففي المجتمع المهزول، تتولد جراثيم الفحشاء، ثم تطغى وتطغى حتى تعم البيوت الشريفة. وحين ذاك تستحق تلك الأمة اللعنة والبوار، وفي الأمم المنحطة تعم السرقة، وتتّبع الشهوات، ولا يكن لأفرادها عمل غير امتلاء البطن من حل أو حرام، وقد كان رجل من (الشرفاء!) يقول: (الحلال ما حلّ بالكف!!).

إن طابع الأمة المتقدمة، والمدينة الراقية: طهارة البطن وما حوى، والفرج وما دنى.. ووسام الأمة السافلة، والجمعية المتفككة، أن تحكم الشهوات فيهم، فالمواخير عامرة، والحرام سائد، والنشاط معدوم، والفسق بادي..

والإسلام لا يريد الرجل على علاته بل يريد الرجل النظيف، ويبالغ في تنظيف القوى.

قال الإمام الباقر (عليه السلام) ـ في تفسير قوله تعالى: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً): ـ فأما اللباس فالثياب التي يلبسون، وأما الرياش فالمتاع والمال، وأما لباس التقوى فالعفاف. إن العفيف لا تبدو له عورة، وإن كان عارياً من الثياب، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً..)(25).

الفاجر مهتوك وإن نزل في قمة الجاه، وأحاط به تليد الأموال وطارفها، فهو فاسق فحسب، وكفى، ويقرب أن يجرد عن ثيابه المزيفة، فيبدو للناس كأبشع ما يكون، تشير إليه الأصابع: إنه فاجر، إنه عبد شهواته..!!

والعفيف مستور، وإن نام في عرض الشارع، ولم يوقر له كبر، ولم يحترم له مجلس، إنه عف عفيف وكفى، مأمون مهاب، له في القلوب مكانة، وفي الصدور عظمة..

إن العفة جهاد، وجهاد كبير! فإن الآخذ بزمام البطن المستعر، واللمس الملتهب، أصعب من الجهاد في ساحات المعركة، ولذا قد يجاهد الجندي في أواسط الموت والرعب، ثم يركع جثياً حول مفاتن فتات أو دراهم معدودات..

أتى رجل إلى الإمام الباقر (عليه السلام)، فقال: إني ضعيف العمل، قليل الصلاة، قليل الصوم، ولكن أرجو أن لا آكل إلا حلالاً، ولا أنكح إلا حلالاً. فقال (عليه السلام): (وأي جهاد أفضل من عفة بطن وفرج)(26) الإسلام يريد الرجل الطاهر النزيه، نزيه اليد، نزيه الرجل، نزيه البطن.. وكذلك المسلم الصحيح، نقي الصفات، تقي السمات..

والمسلم طاهر القلب، سليم النفس، حصين الروح، لا يحسد، ولا يرائي، ولا يتكبر، ولا يعتلي، ولا يحقد، ولا ينوي الشر..

والإسلام يريد أن يكون ضمير الشخص أبيض من الثلج، وأنقى من اللجين، وأصفى من الماء العذب، يطوي على الخير، ويثني على الحق، يسع الدنيا برحبها، ويشرق إشراق الذكاء في رائعة النهار.

(فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصّعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون)(27).

وليست إرادة الله كالطفيليات التي تنبت مع الزرع، لا بذر لها ولا سابقة، ان الحكمة العليا لا تفعل عبثاً، ان المرء إذا اتبع شهواته، وتنكّب الطريق، ولوى عن الحق، وثنى عطفه، لم يزدد عن الله إلا بعداً، وعن المنهج القويم إلا ضلالاً، فيضيق صدره عن قبول الحق.

والمسلم ليس كذلك فهو سليم الطوية (والذين اهتدوا زادهم هدى)(28).

كيف يحسد المسلم ـ أو بالأحرى: العاقل ـ وهو يعلم أن تفوق آخرين عليه، ليس إلا من فضل الله وحسن بلائه؟ إن شكر وصبر كان له الأجر، وإن حسد وأدبر، كانت عاقبة أمره خسراً.

ولِمَ ينوي الشر، وهو يعلم أن من يزرع الشر يحصد الشر! وعلى من؟ على عباد الله! وما ينتفع بهذا؟ عين الأذية والوخز!

إن صاحب الضمير النظيف في أكبر راحة، وخير سعادة، وتعود سلامة الصدر إلى السليم نفسه قبل غيره، فهو يعمل ويفرغ، ويذهب ويرجع، ويجتمع ويفترق.. مثلج الفؤاد، فارغ البال، خفيف المنكب عن اعباء الحسد والحقد والغل والاعتلاء..

أصبـر على حسد الحسود فإنه قاتله كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله

الحسد نار تأكل صاحبها، والغل والكبر.. كلها نيران محرقة لا تبقي ولا تذر.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (قلب المؤمن أجرد، فيه سراج يزهر، وقلب الكافر أسود منكوس)(29) أجرد من القذارات، فيه سراج من النور يزهر. فيضيء أعضائه. ويشع من أجله كل جارحة من جوارحه. ان القلب السليم كالتربة النقية. ينبت فيها كل خير. فيؤتي أكله الشهي. والقلب المريض كالتربة المالحة، لا تكون إلا عفنة مجة. تتكون فيه الجراثيم، وتنتشر فيه الأوبئة. ففساد الأعضاء وصلاحها ناجمة من القلب.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (ان منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من الناس الواجب الطاعة عليهم. ألا ترى: ان جميع جوارح الجسد شرط للقلب، وتراجمة له مؤدية عنه: الأذنان، والعينان، والأنف، والفم واليدان، والرجلان، والفرج؟

فإن القلب إذا هم بالنظر فتح الرجل عينيه، وإذا هم بالاستماع حرك أُذنيه وفتح مــسامعه فسمع، وإذا هم القلب بالشم استنشق بأنفه، فأدى تلك الرائحة إلــى القلب، وإذا هم بالنطق تكلم باللسان، وإذا هم بالحركة سعت الرجلان، وإذا هم بالـشهوة تحرك الذكر، فهذه كلها مودية عن القلب بالتحريك..)(30).

وسلامة القلب لا تحصل عبثاً واعتباطاً، بل تحتاج إلى مراقبة مستمرة، وكدح دائم، ومواظبة طويلة، وتنقية أثر تنقية..

وللقلب تعاريج وملتويات، ربما يظن الشخص أنه صفّى نفسه عن كدر الرذيلة، فنفسه طاهرة نظيفة، حتى إذ تهيّج في القلب عرق الحسد أو الحقد أو... لم يملك زمام نفسه، وظهر ما خفي من الأخلاق القذرة!

وقد تنبعث الحركة عن النفس عفواً، فيظن الشخص فيها خيراً، ولكنها تنفس حقد مكتوم، أو حب جاه مخمود، أو نوايا شر مكظوم..

وحقاً ان مرض القلب من أخطر الأمراض، فإنه لو فسد يفسد الجسد كله، فهو كالسرطان الذي ينبت في اللحم ثم لا يزال يمد يده ورجله إلى الأعضاء، حتى إذا صادف موضعاً حساساً أهلك المريض ولا تبقى منه باقية.

إن مرض القلب يفسد العاجلة والآجلة، والدنيا والدين، فكل مرض لا يعد شيئاً بالنسبة إليه، وإن أودى بروح الحي، فأُلحد مقبوراً.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (في الإنسان مضغة، إذا هي سلمت وصحت، سلم بها سائر الجسد، فإذا سقمت، سقم لها سائر الجسد وفسد، وهي القلب)(31).

وأوصى أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ابنه فقال: (يا بني إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض القلب، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من ذلك تقوى القلوب)(32).

إن سليم القلب في أعظم النعم، يرضى بالقسمة، فلا يحزن، ويعلم أن ما آتى الله غيره لحكمة فلا يحسد، ويدري ان عز الدنيا لا ينفع، فلا يتكبر، ويتيقن بأن الأعمال الخالصة هي المقبولة، فلا يرائي..

وكما أن مرض القلب المادي يسبب ضعفاً عاماً في جميع المشاعر، وصاحبه معرض للسكتة، كذلك مرض القلب الروحاني، يوجب خبالاً شاملاً في الأعضاء، فاضطراب الحواس دليل على اضطراب القلب.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أعجب ما في الإنسان قلبه!! وله مواد من الحكمة، وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن سعد بالرضا نسى التحــفظ، وإن ناله الخوف شغله الخدر، وإن اتسع له الأمن استبلته العزة، وإن جددت له النعمة أخذته الغرة، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن استفاد مالاً أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء، وإن جهده الجزع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة.

فكل تقصير به مضر، وكل إفراط به مفسد)(33).

إن سليم القلب سليم الأعضاء والمشاعر، ومريض القلب مريض الأعضاء والمشاعر.

والسليم ـ أي شخص كان، وفي أية وثبة كانت ـ أفضل من المريض.

والمسلم طاهر الجسد من المنفرات، نظيف البدن عن القذارات، نظيف كل شيء منه وله وإليه...

ولقد اهتم الإسلام بالنظافة أكبر اهتمام، حتى قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (... النظافة من الإيمان)(34).

نعم، من الإيمان! فغير النظيف ليس بكامل الإيمان!

والنظافة شُعب: نظافة الجسد، ونظافة اللباس، ونظافة الدار، ونظافة البلد.. وكلها مطلوبة، وقد ندب إليها الإسلام، وحث المسلمين عليها، بل ربط بين الفطرة الإنسانية التي هي من مقومات الحياة، وبينها.

إنها كذلك أمر فطري، فالفطرة كما تتطلب الماء والغذاء، والدفء والنور.. كذلك تتطلب النظافة والطهارة.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (خمس من الفطرة: تقليم الأظفار، وقص الشارب، ونتف الابط وحلق العانة، (والختان)(35).

إن الإنسان ـ وأقول: إنسان، فحسب ـ يتنفر من القذر، كما يتنفر من الجوع والعرى، فهو من الفطرة التي خلق في صيغتها.

قال الإمام الكاظم (عليه السلام): (خمس من السنن في الرأس، وخمس في الجسد، فأما التي في الرأس: فالمسواك، وأخذ الشارب، وفرق الشعر، والمضمضة، والاستنشاق. وأما التي في الجسد، فالختان، وحلق العانة، ونتف الابطين، وتقليم الأظفار، والاستنجاء)(36).

النظافة مظهر من مظاهر النفس، فالنفس النظيفة تبعث على النظافة، والنفس القذرة تبعث على القذارة.

والنظافة جزء من أجزاء الجمال، لا يتم الجمال إلا بها، وقد تكسب القبيح جمالاً ورونقاً.

وفي الحديث: (إن الله جميل، يحب الجمال)(37).

وفي حديث آخر: (بئس العبد القاذور)(38).

وقد نفر نبي الإسلام عن القذارة بعبارات مختلفة وألفاظ وأمثلة. وكان هو بنفسه مثالاً حياً للنظافة في حله ومرتحله.

قال الصادق (عليه السلام): (لا يطولن أحدكم شاربه، ولا عانته، ولا شعر إبطه، فإن الشيطان يتخذها مخبئاً يستتر بها)(39) إن الشيطان قذر يأمر بالقذر، ويسكن في القذر، ويألف إلى القذر، فكل عمل قذر وقول ومظهر قذر، فهو منه.

والله تعالى جميل طاهر، يأمر بالجمال والطهارة، ويحبهما: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)(40).

ولقد جعل الإسلام النظافة من شرائط الإيمان، حتى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يترك حلق عانته فوق الأربعين يوماً، فإن لم يجد فليستقرض بعد الأربعين ولا يؤخر)(41).

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر! المبدأ والمعاد يتوسطها النظافة، هذه النظافة التي لا تلمحها العيون، فكيف بالنظافة في المواضع الظاهرة؟! فإن لم يجد فليستقرض، والقرض مكروه لدى الشريعة في غير ضرورة.

إنها تأكيدات تستجلب النظر، وتبعث على التأمل.

ولا عجب بعد ذلك أن عدّ الإمام الرضا (عليه السلام) التنظيف من أخلاق الأنبياء، قال (عليه السلام): (أربع من أخلاق الأنبياء: التطيب، والتنظيف بالموس، وحلق الجسد بالنورة، وكثرة الطروقة)(42).

الأنبياء بجانب أنهم مأمورون بتبليغ شرائع الله الروحية، وأنهم من أكثر الناس تمسكاً بالمعنويات، متمسكون بالجوانب الجسدية، حتى أنهم لا يغفلون عن أصغر صغيرة تزيد الإنسان نظافة وجمالاً، حتى لو كانت شعرة في الأنف.

قال الصادق (عليه السلام): (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليأخذ أحدكم من شاربه، والشعر الذي في أنفه، وليتعاهد نفسه، فإن ذلك يزيد في جماله)(43).

واهتم الإسلام بشعر الرأس واللحية ـ لمن كانت له ـ فأمر بتمشيطهما حتى لا يبقى شعثاً، كريه المنظر.

(فقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتمشط ويرجل رأسه.. وترجله نساؤه.. وكان يضع المشط تحت وسادته..)(44).

وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (كثرة تسريح الرأس يذهب بالوباء، ويجلب الرزق، ويزيد في الجماع)(45).

وقال الصادق (عليه السلام): (قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الشعر الحسن من كسوة الله تعالى فأكرموه)(46).

وقال (عليه السلام): (من اتخذ شعراً فليحسن ولايته، أو ليجزه)(47).

وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤكد على السواك تأكيداً بليغاً.

فقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (في السواك اثنتا عشرة خصلة: مطهرة للفم، ومرضاة للرب، ويبيض الأسنان، ويذهب بالحفر، ويقلل البلغم ويشهي الطعام، ويضاعف الحسنات، وتصاب به السنة، وتحضره الملائكة، ويشد اللثة، وهو يمر بطريقه القرآن، وركعتان بسواك أحب إلى الله عز وجل من سبعين ركعة بغير سواك)(48).

وكان يبالغ في تنظيف الفم، قال الرضا (عليه السلام): (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أفواهكم طرق من طرق ربكم، فنظفوها)(49).

وكما أن تنظيف الجسد محبوب مرغوب فيه، كذلك تطييبه، حتى يرغب الناس في المجالسة، ولا يتنفرون عن المجتمعات والأندية.

وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتطيب بالمسك والعنبر، وبالغالية، وربما تطيبه بها نسائه بأيديهن، وكان يكثر من العطر، حتى أن الناس يعرفوه في الليل المظلم من ريحه الطيب.

وقد حث الإسلام المسلمين أبلغ الحث بذلك.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (لله حق على كل محتلم في كل جمعة: أخذ شاربه وأظفاره، ومس شيء من الطيب)(50).

والاستحمام مستحب لما فيه من إزالة الوسخ، والإسلام أوجب في كثير من الأحيان غسل جميع البدن، كما ندب في كثير من الأوقات، ولكثير من الأفعال غسل تمام الجسد، وليس ذلك إلا حفظاً للنظافة، وإزالة للقذارة.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (نعم البيت الحمام: تذكر فيه النار، ويذهب بالدرن)(51).

وقد كان من حرص الإسلام على النظافة العامة للجسد أن ندب إلى الحمام.

قال الصادق (عليه السلام): (ثلاثة يسمن، وثلاثة يهزلن، فأما التي يسمن: فإدمان الحمام، وشم الرائحة الطيبة، ولبس الثياب اللينة)(52).

ويأتي بعد تنظيف الجسد وتجميله، دور تنظيف الثياب وتحسينها.

وقد اهتم الإسلام بذلك اهتماماً بالغاً، حفظاً على أناقة المسلم وجماله.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من اتخذ ثوباً فلينظفه)(53).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (النظيف من الثياب يذهب الهم والحزن، وهو طهور الصلاة)(54)، وفي حديث آخر عنه (عليه السلام): (غسل الثياب يذهب الهم والحزن، وهو طهور للصلاة)(55).

إن الشخص إذا نظر إلى ثوبه فرآه قذراً، حزن، وطبيعي ذلك فإن العين تحتاج إلى المتعة، كما أن الاذن وسائر الحواس تحتاج إليها، ومتعة العين المناظر الحسنة، والمباهج الجميلة.

وليس ما ورد في الحديث: ثلاثة يذهبن الحزن: الماء والخضرة والوجه الحسن، إلا إشارة إلى هذا الأمر الفطري.

إذن، فالثوب النظيف بنفسه، أو بالغسل، من مذهبات الحزن، وأسباب الفرح.

والله تعالى لا يقبل من الصلاة إلا ما كانت في الثياب الطاهرة، ويزيد ثواباً لمن صلى في ثوب نظيف، انه دين ودنيا، جمال وصلاة، ونظافة ومرضاة لله.

وكذلك الإسلام يرى الدين والدنيا شيئاً واحداً، فمن لا دين له لا دنيا له، ومن لا دنيا له لا دين له، وعلى هذا ورد الحديث: (ليس منا من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه)(56).

وتذهب الشريعة إلى أبعد من ذلك.

فيقول الإمام الصادق (عليه السلام): (الثوب النقي يكبت العدو)(57) إن العدو إذا نظر إلى الرجل، وهو قذر وسخ الثوب ازدراه، ومن ازدرى شخصاً تجرأ عليه، لكن الثوب النقي النظيف، يعظم الرجل في الأعين، وبذلك يتوازن الأكفاء، إن لم ترجح كفة النظيف على عدوه.

وليس هذا فحسب، بل فوق ذلك، إن الله يحب أن يرى الثوب الثمين على جلد عبده الذي أنعم عليه.

وقد أفحم الصادق (عليه السلام): عباداً الذي كان يزعم أن الثياب الفاخرة من زينة الحياة الدنيا التي لا ينبغي للمسلم أن يتزيّا بها(58).

قال ابن القداح: (كان أبو عبد الله متكئاً علي ـ أو قال: على أبي ـ فلقيه عباد بن كثير وعليه ثياب مروية حسان، فقال: يا أبا عبد الله! انك من أهل بيت النبوة، وكان أبوك وكان! فما لهذه الثياب المزينة عليك؟! فلو لبست دون هذه الثياب. فقال له أبو عبد الله. ويلك! يا عباد!.

(من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)؟

إن الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة، أحب أن يراها عليه، ليس به بأس..)(59).

وتصل النوبة ـ بعد تنظيف الجسد والثياب ـ إلى تنظيف البيوت وما إليها.

والإسلام رغب فيه، كما رغب في الأولين، إذ المدار في الكل واحد.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (لا تبيتوا القمامة في بيوتكم، وأخرجوها نهاراً، فإنها مقعد الشيطان)(60).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (نظفوا بيوتكم من حوك العنكبوت فإن تركه في البيت يورث الفقر)(61).

وجود القمامة، وحوك العنكبوت يورثان ضعفاً في الدين ـ فإنها مقعد الشيطان ـ وفقر في الدنيا.

ولا علاج إلا بالنظافة، والنظافة وحدها دين وغنى.. وهكذا يؤدب الإسلام أتباعه، لا يرضى بحوك العنكبوت وبقاء القمامة والنفايات، فكيف بغيرهما؟!

إن الدين يحارب القذارة بجميع مظاهرها، ولو كان منديلاً غمراً.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا تؤووا منديل اللحم في البيت، فإنه مربض الشيطان ولا تؤووا التراب خلف الباب فإنه مأوى الشيطان)(62).

إن القذارة من عادات اليهود فلا ينبغي للمسلم وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يتشبه بمن يعادي الله، ان الله جميل يحب الجمال.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (اكنسوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود)(63).

وقد أجمل الإمام الصادق الميزان الذي يلزم أن يزن المسلم نفسه به، مما يعم ما سبق، وما لم يذكر.

قال (عليه السلام): (إن الله يحب الجمال والتجمل، ويكره البؤس والتبؤس، فإن الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة. أحب أن يرى عليه أثرها.

قيل: وكيف ذلك؟

قال: ينظف ثوبه، ويطيب ريحه، ويحسن داره، ويكنس أفنيته، حتى أن السراج قبل مغيب الشمس، ينفي الفقر ويزيد في الرزق)(64).

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تلتقي في النظافة والطهارة..

ولو جمعت الآثار التي وردت عن الرسول والأئمة صلوات الله عليهم، بصدد النظافة والجمال من غُسل ووضوء وغَسل وتطهير وتطيب وتنوير وكنس وتنظيف.. لبلغت مجلدات.



1 ـ سورة طه: الآية 131.

2 ـ الكافي: ج5، ص559، دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

3 ـ من لا يحضره الفقيه: ج4، ص18.

4 ـ الكافي: ج5، ص559.

5 ـ وسائل الشيعة: ج14، ص139.

6 ـ وسائل الشيعة: ج14، ص140.

7 ـ سورة النور: الآية 30.

8 ـ سورة غافر: الآية 19.

9 ـ وسائل الشيعة: ج14، ص141، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

10 ـ نهج البلاغة، شرح محمد عبدة: ج4، ص15.

11 ـ الكافي: ج2، ص113.

12 ـ بحار الأنوار: ج14، ص35.

13 ـ بحار الأنوار: ج64، ص280.

14 ـ وسائل الشيعة: ج8، ص55.

15 ـ بحار الأنوار: ج64، ص279.

16 ـ مستدرك الوسائل: ج9، ص25، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث ـ بيروت.

17 ـ سورة ق: الآية 18.

18 ـ بحار الأنوار: ج64، ص276.

19 ـ بحار الأنوار: ج64، ص274.

20 ـ سورة الممتحنة: الآية 12.

21 ـ الكافي: ج2، ص79.

22 ـ الكافي: ج2: ص79.

23 ـ الكافي: ج2، ص79، دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

24 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص198.

25 ـ بحار الأنوار: ج64، ص272.

26 ـ بحار الأنوار: ج64، ص273.

27 ـ سورة الأنعام: الآية 125.

28 ـ سورة محمد: الآية 17.

29 ـ بحار الأنوار: ج66، ص328.

30 ـ بحار الأنوار: ج54، ص304.

31 ـ بحار الأنوار: ج63، ص50.

32 ـ بحار الأنوار: ج1، ص88.

33 ـ بحار الأنوار: ج63، ص52.

34 ـ مستدرك الوسائل: ج16، ص319.

35 ـ وسائل الشيعة: ج1، ص434.

36 ـ وسائل الشيعة: ج1، ص350.

37 ـ الكافي: ج6، ص438.

38 ـ الكافي: ج6، ص439.

39 ـ وسائل الشيعة: ج1، ص440.

40 ـ سورة البقرة: الآية 222.

41 ـ وسائل الشيعة: ج1، ص392.

42 ـ من لا يحضره الفقيه: ج1، ص131.

43 ـ وسائل الشيعة: ج1، ص424.

44 ـ بحار الأنوار: ج61، ص116.

45 ـ وسائل الشيعة: ج1، ص425.

46 ـ من لا يحضره الفقيه: ج1، ص129.

47 ـ من لا يحضره الفقيه: ج1، ص129.

48 ـ وسائل الشيعة: ج1، ص356.

49 ـ بحار الأنوار: ج69، ص130.

50 ـ بحار الأنوار: ج52، ص33.

51 ـ من لا يحضره الفقيه: ج1، ص115.

52 ـ وسائل الشيعة: ج1، ص363.

53 ـ الكافي: ج6، ص441.

54 ـ وسائل الشيعة: ج3، ص346.

55 ـ وسائل الشيعة: ج3، ص346.

56 ـ من لا يحضره الفقيه: ج3، ص156.

57 ـ الكافي: ج6، ص441.

58 ـ وسائل الشيعة: ج3، ص348.

59 ـ وسائل الشيعة: ج3، ص347.

60 ـ وسائل الشيعة: ج3، ص572.

61 ـ وسائل الشيعة: ج3، ص575.

62 ـ بحار الأنوار: ج69، ص175.

63 ـ الكافي: ج6، ص531.

64 ـ بحار الأنوار: ج69، ص141.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://morth.forumarabia.com
 
الطهارة البدن والنفس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الطهارة المعنوية
» أهمية غسل الجنابة لتحقيق الطهارة وثم صلاة صحيحة - هام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السيد مرتضى الموسوي الروحاني رقم الجوال009647806835991 :: البرنامج العبادي الأول لمرحلة طالبين السلوك الى الله المرحلة الاولى القدسية-
انتقل الى: